هذا بالنسبة لمقلوب السند، أما مقلوب المتن فله أمثلة، له أمثلة منها: حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وفيهم ((ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))، وهذه هي الجادة، وهذا هو الصواب، وهو المتفق عليه، وجاء في رواية في الصحيح: ((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله))، ومعلوم أن الإنفاق، والأخذ، والإعطاء إنما يكون باليمين، والرواية في مسلم: ((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله))، والحفاظ حكموا على هذه الرواية بأنها مقلوبة، وعندي أنه يمكن توجيهها على وجه تسلم به من الحكم بالقلب، ويصان الصحيح من الحكم على هذه الرواية بالضعف؛ لأن المقلوب من قسم الضعيف، ويصان الرواة الثقات من الوهم في هذا الحديث، فيقال: إن الإنسان الأصل فيه أن ينفق بيمينه، وعلى هذا جاءت رواية الأكثر، وقد يحتاج في بعض المواطن أن ينفق بشماله لا سيما، والمقام مقام إخفاء، المقام مقام إخفاء، فقد يحتاج إلى الإنفاق بشماله، في الحديث الصحيح في البخاري، وغيره: ((ما يسرني أن يكون لي مثل أحد ذهباً؛ تأتي علي ثالثة، وعندي منه دينار إلا ديناراً أرصده لدين، حتى أقول به هكذا، وهكذا، وهكذا؛ عن يمينه، وعن شماله، ومن أمامه، ومن خلفه)) فإذا كان الشخص مكثراً من النفقة؛ قد يعطي أكثر من واحد في آن واحد، قد يعطي أكثر من واحد في آن واحد، فيحتاج إلى أن ينفق بالشمال إضافة إلى اليمين، وقد يضطر لإخفاء الصدقة أن تكون بالشمال لا باليمين؛ كأن يكون عن يمينه أناس وعن يساره سائل، فإذا أخرج الصدقة بيمينه، ثم سلمها للسائل اطلع من عن يمينه، لكنه إن أخرجها بشماله، وأعطاه إياها بشماله؛ لم يطلع عليها من بيمينه لا سيما والمقام مدح إخفاء الصدقة، وبهذا نصون الصحيح، بمثل هذا الكلام نصون الرواة الثقات من الوهم، فالمنفق يحتاج –أحياناً- إلى أن ينفق بشماله، وفي سورة المائدة: {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [(55) سورة المائدة]، وهم راكعون؛ قالوا: إن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب؛ إذ جاء سائل وهو راكع، وفي أصبعه خاتم، فمد يده إلى السائل، وهو راكع، ليأخذ الخاتم، وهذا من وضع الشيعة، ولا يثبت، وليس له إسناد يثبت به،