الموضوع: من الوضع وهو الحط، والانحطاط، كما قالوا في حط الدين، والكذب الذي هو المكذوب، والكذب مصدر كذب يكذب كَذِباً، وكِذْباً، وكِذَاباً، وكِذَّاباً، نقيض الصدق، نقيض الصدق، الكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه في الواقع، والصدق الإخبار عن الشيء بما يطابق الواقع، ولا واسطة بينهما، كما تقول المعتزلة، لا واسطة بين الصدق، والكذب، فالكلام إما صدق، وإما كذب، الخبر عموماً إما صدق، وإما كذب، ذكرنا بالأمس في درس مسلم أن المعتزلة احتجوا على قولهم بأن هناك واسطة بين الصدق، والكذب بقول الله -جل وعلا-: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ} [(8) سورة سبأ]، وهذا من قول المشركين، ذكره الله -جل وعلا- عنهم، فقابل الكذب بالجنة، وما قابله بالصدق، فدل على أن للكذب مقابلاً غير الصدق، فليس بنقيض للصدق بل هو ضد له؛ لأنهما قد يرتفعان، ويحل محلهما ما لم يقصد، الكلام الذي لم يقصد، ككلام المجنون، لا يطابق الواقع، مع عدم قصده، ومع ذلك قوبل بالكذب في الآية، عرفنا أن هذا لا مستمسك به، ولا دليل فيه، الكلام الذي لم يقصد؛ هل يصح أن يطلق عليه كلاماً، أو لا؟ الكلام الذي لم يقصده صاحبه، يقال: هو كلام، وإلا لا؟ نعم، يعني في تعريفهم للكلام: هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، اللفظ المركب المفيد بالوضع، المركب المفيد هذا معروف، يعني مركب من أكثر من كلمة، ومفيد فائدة يحسن السكوت عليها، بالوضع، من الشراح قال: بالقصد، فعلى هذا الكلام غير المقصود لا يسمى كلاماً، ككلام النائم، والساهي، والغافل، وكلام الطيور، وما أشبه ذلك، وذلكم حينما يقول الفقهاء: تبطل الصلاة بالكلام، تبطل الصلاة بالكلام، وفي حال الركوع، أو السجود يعتدي شخص على آخر، فيضربه على ظهره، ثم يتكلم بكلمة من غير قصد، يعني لو ضرب، وهو ساجد، وإلا راكع وقال: أح، هذا كلام، وإلا ليس بكلام؟ تبطل به الصلاة، أو لا تبطل؟ قالوا: لا تبطل به الصلاة؛ لأنه غير مقصود، فلا يدخل في الكلام الذي يبطل الصلاة، فعلى هذا الكلام غير المقصود لا يدخل في الكلام، وكلام المجنون الذي لا يعي ما يقول لا يدخل، ولذا تصرفات المجانين، ومن خلال كلامهم لا يرتب عليها شيئاً، قل: