ويضعفه، فمثلاً حديث عبادة بن الصامت: ((خذوا عني، خذوا عني؛ قد جعل الله لهن سبيلاً؛ البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) جلد مائة والرجم، الحديث صريح وصحيح في كون الزاني الثيب يجلد ثم يرجم.
القضايا التي حصلت في عهده -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر فيها جلد، لم يذكر فيها جلد،: ((واغدوا يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها))، وفي حديث ماعز: ((اذهبوا به فارجموه)) في قصة ماعز؛ ما ذكر جلد، وهذا وقت بيان، ووقت حاجة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فالجمهور يقولون: لا يجلد، يكتفى برجمه؛ لأن القضايا المتعددة لم يذكر فيها الجلد، والذين يقولون بأنه يجلد كالحنابلة؛ يقولون: خلاص ما دام بُيْن في مناسبة واحدة؛ ما احتاج أنه يبين في جميع المناسبات، فاعترى هذا البيان عند بعض أهل العلم ما يضعفه، فيجعله بحاجة إلى تكرار، ومثال ذلك –أيضاً- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((ولا يلبس المحرم الخفين إلا أن لا يجد النعلين؛ فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين)) هذا قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة، قاله بالمدينة، ثم بعرفة والحجاج كلهم متوافرون من المدينة، وغيرها لم يذكر القطع، فمن أهل العلم من يقول: ما دام ذكر في مناسبة لا يلزم تكراره في كل مناسبة، فعندنا مطلق ومقيد؛ يحمل المطلق على المقيد، وما في إشكال، لا بد من القطع، وقال بعضهم: لا، ذكره بالمدينة، وقد سمعه بعض الحجاج لا يغني عن ذكره بعرفة حينما سمعه جميع الحجاج، فهذا الموضع موضع حاجة؛ حاجة للبيان، فلا بد من البيان في هذا الموضع، فلا يحتاج حينئذٍ إلى قطع، ولو كان يحتاج إلى قطع لبينه للناس كلهم، وهذا موضعه.
أقول: إن الأصل أنه إذا بين في مناسبة لا يلزم تكرار البيان في جميع المناسبات إلا إذا اعترى هذا البيان، أو عارضه ما يضعفه؛ مثل المثالين الذين ذكرتهما، فليكون للنظر، والاجتهاد فيه مجال.
اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.