حديث وحديث ثاني، لكن لو حديث واحد مرة يروى مرسل، ومرة يروى مسند، الذي تقدم فيما يعتضد به المرسل إذا وجد حديث آخر مسند، فهذا يتقوى به بلا إشكال، لكن إذا وجد حديث واحد يختلف رواته في وصله، وإرساله، أو في رفعه، أو وقفه، هذا محل الخلاف الذي معنا، يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
واحكم لوصل ثقة في الأظهر ... . . . . . . . . .
يعني إذا روي حديث مرسلاً، وروي موصولاً، تعارض فيه الوصل والإرسال؛ القول الأول أنه يحكم بوصله، إذا كان راويه الذي وصله ثقة، واحكم لوصل ثقة في الأظهر، وهذا الذي صححه الخطيب، وعزاه النووي للمحققين من أصحاب الحديث أنه يحكم بالوصل؛ لماذا؟ لأن من وصل معه زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، يعني إذا قال في الخبر: فلان عن فلان عن فلان عن أنس قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كذا، وصله، وروي من طريق آخر ما فيه ذكر لأنس، فالقول الأول ذكر أنس هو الراجح؛ لأنه زيادة على من لم يصل، والزيادة من الثقة مقبولة، وهذا الذي قال فيه الإمام في القول الأول:
واحكم لوصل ثقة في الأظهر ... وقيل: بل إرساله للأكثر
يعني يحكم بإرساله، يحكم لإرساله، وقيل: بل احكم لإرساله للأكثر، يعني احكم للطريق الثاني الذي لم يذكر فيه أنس، وهذا عزاه الخطيب للأكثر، كما نقله الناظم -رحمه الله تعالى-؛ لماذا؟ قالوا: إن عندنا طريقين، طريق ذكر فيه أنس، وطريق لم يذكر فيه أنس، يعني في مثالنا الذي ذكرناه، فذكر أنس متفق عليه، أو مشكوك فيه؟ مشكوك فيه، فنقتصر على ما اتفق عليه من الرواة، ونترك المشكوك فيه، المشكوك فيه لا يذكر؛ لأن ثبوت أنس في السند أمر مشكوك فيه، بينما على القول الأول ثبوت أنس زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، ويصرحون بذلك، كما سيأتي في زيادات الثقات، وأما على القول الثاني فأنس مشكوك في ذكره، في ثبوته، فيطرح المشكوك فيه، ويبقى الحكم للإرسال، وهذا هو القول الثاني.
ونسب الأول للنظار ... . . . . . . . . .