المقصود أنه من المسانيد المتقدمة شيخ الإمام البخاري، وهو مرتب على المسانيد ومنها مسند مسدد بن مسهرد، وهو أيضا من شيوخ الأئمة متقدم عليهم، وهناك مسانيد كثيرة، ومسند بقي بن مخلد، وهو متأخر عنهم، وهو فيما ذكر عنه من أعظم الكتب المصنفة في هذا الباب، وأخذوا عدة أحاديث أبي هريرة منه التي زادت على خمسة آلاف وأربع مائة حديث، فيدل على عظم هذا الكتاب، وكثرة محتوياته، والمسانيد مثلما ذكرنا كثيرة لكنه اقتصر على بعضها لتمثيل، ولبيان منزل أن هذه الكتب دون منزلة السنن التي رتبت على الأبواب، وذكرنا السبب.
والحكم للإسناد بالصحة أو ... بالحسن دون الحكم للمتن رأوا
إذا حكم إمام فقال هذا حديث إسناده صحيح، أو إسناده حسن؛ هل يلزم من هذا تصحيح الإمام للحديث، أو تحسين الإمام للحديث؟ وبعبارة أخرى: هل هناك تلازم بين صحة الإسناد، والمتن؟ أو ضعف الإسناد والمتن؟ الجواب لا، لا تلازم بين صحة الإسناد، وصحة متنه، ولا ضعف في الإسناد، وضعف في متنه، فقد يصح الإسناد، ويشتمل المتن على علة، أو شذوذ مخالفة، وإن كان الإسناد صحيحاً، رواته ثقات كل واحد منهم قد أخذ الخبر عمن فوقه بطريق معتبر، يعني مع الاتصال، فقد يكون الإسناد صحيحاً، والمتن فيه مخالفة، شذوذ فيه علة، فلا تلازم بين صحة الإسناد والمتن، وقل مثل هذا في التحسين، وقل مثل ذلك في التضعيف، قد يضعف الإسناد، ويصح المتن؛ لوروده من طرق أخرى صحيحة، وقد يكون الإسناد حسناً، والمتن صحيح، وقد يكون حسناً، والمتن ضعيف، المقصود أنه لا تلازم بينها، ولذا قال:
والحكم للإسناد بالصحة أو ... بالحسن دون الحكم للمتن رأوا
يعني الحكم للإسناد أمره سهل، يدركه متوسط الطلبة، فإذ وجد حديثاً بإسناده، أو استخرج حديثاً من السنن، ودرس إسناده من خلال كتب الرجال، وعرف أن كل واحد لقي الآخر، وأخذ عنه، أو عاصره مع إمكان اللقاء على القول الثاني، على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، حكم للحديث بأنه صحيح؛ إذا وجدهم كلهم ثقات، كل واحد روى عن الثاني؛ حكم للإسناد بالصحة، قال: إسناده صحيح، أو الحديث بهذا الإسناد صحيح، صحيح إسناده، لكن يبقى النظر في المخالفة، واستقامة المتن: