من يرتبهم على السابقة، كما فعل الإمام أحمد حيث بدأ بالعشرة، ثم بالمهاجرين، ثم بقية الأنصار، ثم من النساء إلى آخره، المقصود أن المسند المراد به الكتاب الذي ترتب أحاديثه على أسماء الصحابة، ويذكر تحت كل ترجمة من أسماء الصحابة ما وقف عليه المؤلف أو ما أراد أن يخرجه في كتابه أو ينتقيه من أحاديث الصحابة فهي دون السنن، والسبب في ذلك يقول الإمام الحافظ -رحمه الله-: "دونها في رتبة" السبب في ذلك وإن كانت منزلة مؤلفيها في الغالب أعظم من منزلة مؤلفي السنن؛ لأن تأليف المسانيد سابق على تأليف السنن، تأليف المسانيد سابق على تأليف السنن، ومؤلفوها أئمة جلة ممن ذكر منهم أئمة أعلام؛ فالسبب في كون المسانيد دون السنن في الرتبة أن المؤلف في السنن يرتب على الأبواب ويترجم بأحكام، يترجم بأحكام شرعية، فهو يورد تحت هذه الترجمة ما يستدل به لهذا الحكم الذي ترجم به ولم يستدل إلا بأقوى ما يقف عليه، لا يمكن أن يستدل أبو داوود على ترجمة هي عبارة عن حكم شرعي بحديث ضعيف، أو أقل منزلة مما عنده في مروياته، فتجده ينتخب تحت هذه الترجمة ليستدل على الحكم الذي ادعاه بأقوى ما يجد، بخلاف صاحب المسند، فإن صاحب المسند لا يترجم بحكم شرعي، إنما يترجم باسم صحابي، فتجده يذكر تحت اسم الصحابي ما يقف عليه أو يصل إليه من مروياته، ما المانع أن يذكر تحت ترجمة أبي بكر ما وقف عليه، أو ما بلغه مما يروى عن أبي بكر؛ لأنه لا يثبت بذلك حكماً شرعياً، بخلاف من يترجم بحكم شرعي فإنه يعمد ويقصد إلى أقوى ما عنده من الأحاديث، هذا هو السبب في كون المسانيد دون السنن في الرتبة، هذا من حيث الإجمال، من حيث الإجمال، وإلا لو نظرنا إليها تفصيلاً لوجدنا مسند الإمام أحمد من القوة وشدة التحري والانتقاء بحيث يكون ثلاثون ألف انتقيت على أنهم يقولون في عددها أربعون ألفاً، انتقيت من سبعمائة وخمسين ألف حديث، من سبعمائة وخمسين ألف حديث، التي هي محفوظات الإمام أحمد، وبعد أن كتبه وألفه ضرب على أحاديث، فهي أحاديث منتقات، وإن كانت على مسانيد الصحابة، وشرط الإمام أحمد كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إن لم يكن فوق شرط أبو داود فليس دونه، ليس دونه،