أما بعد: فيقول الناظم -رحمه الله تعالى- في استكمال مضان الحديث الحسن، بعد أن ذكر السنن أعقبها بذكر المسانيد؛ لأن المصنفات في السنة تنوعت، وكثرت، واختلفت طرائق مؤلفيها، ومناهجهم فمنها الصحاح المذكورة في مضان الصحيح، ومنها السنن التي تقدم الحديث عليها وهي ما رتب على الأبواب من الأحاديث المرفوعة، ويقل فيها الموقوف فضلاً عن المقطوع، وهي مرتبة كما ذكرنا على الأبواب، ومنها المصنفات التي هي أشبه ما تكون بالسنن إلا أن الآثار والموقوفات تكثر فيها كمصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، ومنها الموطأات وهي قريبة من تصنيف السنن، وفيها المرفوعات والموقوفات والمقاطيع، والمراسيل، ولذا لا تحلق بالسنن، ومنها المسانيد التي يأتي الحديث عنها في أول ما يشرح من كلام الناظم في هذا اليوم، ومنها المعاجم وهي قريبة جداً من المسانيد حيث تترتب على الشيوخ، ومنها المشيخات التي يرتبها المؤلف على شيوخه ويذكر فيها ما يرويه من طريقهم من طريق كل شيخ تحت ترجمته، وغير ذلك منها الفوائد أيضاً، والأجزاء المقصود أن المصنفات في السنة كثرت، وإذا كان الحديث عن الصحاح والسنن قد انتهى فحديث اليوم في المسانيد، ولذا يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: "ودونها" يعني دون السنن "في رتبة ما جعلا، على المسانيد" يعني رتب على المسانيد، والمسانيد جمع مسند، والمسند يطلق ويراد به الكتاب الذي رتبت أحاديثه على أسماء الصحابة من رواته، وهو المراد هنا، كما أن المسند يطلق ويراد به الكتاب الذي تذكر فيه الأحاديث بالأسانيد، الكتاب الذي تذكر فيه الأحاديث بالأسانيد، ومن ذلك قول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في تسمية صحيحه: "الجامع الصحيح المسند"؛ لأنه تذكر في الأحاديث بالأسانيد، ومنها ما سيأتي من أنواع علوم الحديث المسند المرفوع أو ما قد وصل على ما سيأتي غداً إن شاء الله تعالى، فالمسند يطلق بإزاء إطلاقات متعددة، والذي يعنينا منها هو الإطلاق الأول، وهو الكتاب الذي رتبت فيه الأحاديث على مسانيد الصحابة، فالمؤلف مؤلف المسند يترجم باسم صحابي ثم يذكر تحت هذه الترجمة ما يقف عليه، أو يصل إليه من أحاديث هذا الصحابي، ويختلف ترتبيهم لأسماء الصحابة منهم