"ونحوه" ونحوه، ابن سيد الناس يريد أن يلزم ابن الصلاح بأن يحكم على أحاديث مسلم بما حكم به على أحاديث أبي داود؛ لأن تقسيم أبي داود لأحاديث كتابه قريب من تقسيم مسلم لأحاديث كتابه، فمسلم -رحمه الله تعالى- يقول في مقدمة صحيحه، يقول: "فإننا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها، وأنقى من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث، وإتقان لما نقلوا؛ لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد، ولا تخليط فاحش، كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين، وبان ذلك في حديثهم، فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس أتبعناها أخباراً يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ، والإتقان كالنصف المقدم قبلهم، على أنهم، وإن كانوا فيما وصفنا دونهم .. " يعني على أنهم وإن كانوا في المنزلة دونهم " .. فإن اسم الستر، والصدق، وتعاطي العلم يشملهم كعطاء ابن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم، وأضرابهم من حمال الآثار، ونقال الأخبار، فهم وإن كانوا بما وصفنا من العلم، والستر عند أهل العلم معروفين، فغيرهم من أقرانهم ممن ذكرنا من الإتقان، والاستقامة في الرواية يفضلونهم في الحال، والمرتبة؛ لأن هذا عند أهل العلم درجة رفيعة، وخصلة سنية، ألا ترى إنك إذا وازنت هؤلاء الثلاثة الذين سميناهم: عطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث ابن أبي سليم، إذا وازنت هؤلاء الثلاثة بمنصور بن المعتر، وسليمان الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد في إتقان الحديث، والاستقامة فيه؛ وجدتهم مباينين لهم لا يدانونهم، لاشك عند أهل العلم بالحديث في ذلك للذي استفاض عندهم من صحة حفظ منصور والأعمش وسليمان، وإتقانهم لحديثهم، ولم يعرفوا مثل ذلك من عطاء ويزيد وليث، وفي مثل مجرى هؤلاء إذا وازنت بين الأقران كابن عون، وأيوب السختياني مع عوف بن أبي جميلة، وأشعث الحمراني؛ وهما صاحبا الحسن، وابن سيرين كما أن ابن عون، وأيوب صاحباهما إلا أن البون بينهما، وبين هاذين بعيد في كمال الفضل، وصحة النقل، وإن كان عوف، وأشعث غير مدفوعين عن صدق، وأمانة عند أهل العلم، ولكن الحال ما وصفنا من المنزلة عند أهل العلم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015