قال المصنف رحمه الله تعالى: [وكن لجمع مشبه مفاعلا أو المفاعيل بمنع كافلا].
قوله: (وكن لجمع مشبه مفاعلاً أو المفاعيل) ما قال: في كل جمع على مفاعل، بل قال: مشبه مفاعل أو مفاعيل؛ وذلك لأن مفاعل فيها ميم زائدة، ومفاعيل فيها أيضاً ميم زائدة، وليس بشرط أن يكون فيها ميم زائدة، الشرط أن يكون الجمع على هذا الوزن، أي: على وزن مفاعل أو مفاعيل، بحيث يكون أوله وثانيه متحركين بعدهما ألف، وبعد الألف حرف مكسور سواء كان فيه ياء أو لم يكن فيه ياء، مثل: مساجد كمفاعل، ومصابيح كمفاعيل، ومفاتح كمفاعل، ومفاتيح كمفاعيل، وقوالب كمفاعل؛ لأن وزنها (فواعل)، ودحارج مشبه لمفاعل؛ لأن وزنه فعالل، وصواريخ تشبه مفاعيل، وهي على وزن فواعيل.
وطواغيت على مفاعيل؛ لأن طواغيت وزنها فواعيل، ومثله مواعين على شبه مفاعيل؛ لأن الظاهر أن وزنها فواعيل، ومثلها: مواعيد، ونحو ذلك.
إذاً: كل ما شابه مفاعل أو مفاعيل فإنه ممنوع من الصرف لعلة واحدة كافية، وعلى هذا فلا فرق بين أن يكون اسماً أو صفة، مذكراً أو مؤنثاً، مادام على هذا الوزن فإنه يكون ممنوعاً من الصرف، ويسمون هذا الوزن: صيغة منتهى الجموع.
إذاً: ما كان على هذا الوزن فإنه لا ينصرف، والمانع له من الصرف صيغة منتهى الجموع.
قال رحمه الله تعالى: [وذا اعتلال منه كالجواري رفعاً وجراً أجره كساري].
قوله: (ذا اعتلال) ذا: منصوبة على الاشتغال، ونصبها هنا هو الراجح.
(وذا اعتلال) أي: وأدغم ذا اعتلال، أي: ما كان آخره حرف علة من هذا الوزن أدغم رفعاً وجراً، (أجره كساري) ساري هذه أظنها اسم فاعل معتل بالياء، ففي حال الرفع والجر تحذف الياء وتنون الراء، فتقول: هذا سارٍ، ومررت بسارٍ، وإعرابها: هذا: مبتدأ.
وسارٍ: خبر المبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين، والتنوين هنا عوض عن الحرف المحذوف.
وتقول: مررت بسارٍ: مررت: فعل وفاعل.
بسارٍ: الباء: حرف جر، سارٍ: اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء المحذوفة، والتنوين هنا عوض عن الياء المحذوفة.
وإذا جاءت صيغة منتهى الجموع وهو معتل الآخر، فيقول ابن مالك: إنك تجريه كساري، أي: أنك تحذف حرف العلة وتنونه، مثال ذلك قوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف:41]، فكلمة (غواش) جمع، وهي صيغة منتهى الجموع، على وزن فواعل، فهي صيغة منتهى الجموع، ففي القرآن الآن حذفت الياء ونون ما قبلها وبقي مقصوراً على ما هو عليه، فنقول في إعرابها: من فوقهم: الجار والمجرور خبر مقدم.
غواش: مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين، والنون عوض عن الياء المحذوفة.
وهذا في حال الرفع، وابن مالك يقول: (رفعاً وجراً)، وكذلك أيضاً في الجر يجرى كساري، بمعنى: أنها تحذف الياء وينون ما قبلها، مثل أن تقول: مررت بجوارٍ يلعبن، فجوار جمع جارية، على وزن فواعل، تقول: مررت: فعل وفاعل.
بجوار: الباء حرف جر، جوارٍ: اسم مجرور بالباء وعلامة جره فتحة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين نيابة عن الكسرة؛ لأنه اسم لا ينصرف والمانع له من الصرف صيغة منتهى الجموع.
وعلم من قول ابن مالك: (رفعاً وجراً) أنه في حال النصب لا يجرى كساري، وإنما يبقى حرف العلة منصوباً بدون تنوين، قال الله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ} [النحل:15]، فكلمة (رواسي) معتلة بالياء، وبقيت الياء في حال النصب منصوبة.
وخلاصة هذا البيت: أن ما كان مجموعاً على صيغة منتهى الجموع فلا يخلو: إما أن يكون مرفوعاً، أو مجروراً، أو منصوباً، فإن كان مرفوعاً أو مجروراً فإنه يجوز إجراؤه إجراء المعتل بالياء، مثل: ساري، فتقول: هؤلاء جوارٍ، ومررت بجوارٍ، وإن كان منصوباً فإنه تبقى الياء مفتوحة بدون تنوين، فتقول: رأيت جواريَ يلعبن، ولا يصح أن تقول: رأيت جوار، ولا يصح أن تقول: رأيت جوارياً، بل تبقى الياء مفتوحة بدون تنوين، ومنه قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ} [النحل:15].
وقد ذكر المؤلف هذا حتى لا يظن الظان أن هذا الحكم يشمل المعتل، فاستثناه المؤلف.