قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومنع عدل مع وصف معتبر في لفظ مثنى وثلاث وأخر ووزن مثنى وثلاث كهما من واحد لأربع فليعلما] هذه هي العلة الرابعة: قوله: (ومنع عدل مع وصف معتبر).
منع عدل: مبتدأ.
معتبر: خبره، أي: من موانع الصرف: العدل مع الوصف.
والعدل معناه: التغيير، أي: أن تغير الكلمة إلى كلمة أخرى تعدل بها عن بنائها الأصلي، فهذا يكون بالوصف في لفظ مثنى وثلاث وأخر، ولفظ مثنى وثلاث أي: مفعل وفعال، فمثنى وصف بمعنى: اثنين اثنين، فتقول مثلاً: مر بي نساء مثنى، أي: اثنتين اثنتين، وثلاث أي: ثلاثاً ثلاثاً، قال الله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3]، وقال تعالى: {جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:1] يعني: الأجنحة.
وفي لفظ مثنى وثلاث يقال: مثنى، ويقال: ثلاث، ويقال: مثنى وثناء، ويقال: مربع ورباع، ويقال: مخمس وخماس، ويقال: مسدس وسداس، ومسبع وسباع، ومثمن وثمان، ومتسع وتساع، ومعشر وعشار، هذا هو القياس، لكنه ما كان يصلح إلا في مثنى وثلاث ورباع وأظن تساع وعشار، لكن القياس أنه يجوز فيها كلها.
ومثنى وصف معدول عن الاثنين فهو ممنوع من الصرف، والمانع له من الصرف الوصفية والعدل.
وتقول: مررت بنساء ثُلاث: بنساء: جار ومجرور.
ثلاث: صفة للنساء مجرور، وصفة المجرور مجرورة، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف الوصفية والعدل.
كذلك (أخر) قال تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]، ولم يقل: فعدة من أيام أخرٍ، وهي معدولة عن: أخرى.
ولو قيل: فعدة من أيام أخرى لصح، لكنه قال: أخر، فهي معدولة عن أخرى، وقيل: إنها معدولة عن الآخر التي بأل، ولكن هذا لا يستقيم إذا كان الموصوف نكرة، لأنه يلزم أن يوصف بمعرفة، وعلى كل حال هي معدولة، فتقول: ((مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)): من أيام: جار ومجرور.
أخر: صفة لأيام مجرورة وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف الوصفية والعدل.
إذاً: الذي عندنا الآن في الأوصاف ثلاثة أوزان هي: مثنى، وثلاث، وما كان على وزنهما من العدد، وأخر، وكل هذه المانع لها من الصرف الوصفية والعدل.
قال رحمه الله تعالى: (ووزن مثنى وثلاث كهما من واحد لأربع فليعلما) ابن مالك رحمه الله جعل المسألة إلى أربع فقال: (ووزن مثنى وثلاث كهما) أي: كوزنهما (من واحد لأربع)، فنقول في واحد: أحاد.
فقوله: (من واحد لأربع فليعلما) معناه: فلا تزد على الأربع، وقال بعضهم: بل نزيد إلى العشرة لأنه لا مانع، وإذا كان للمثنى فلا يعني ذلك أنه لا يصلح إلا له.