قال ابن عقيل رحمه الله: [تستعمل ساء في الذم استعمال بئس، فلا يكون فاعلها إلا ما يكون فاعلا لبئس، وهو المحلى بالألف واللام نحو: ساء الرجل زيد، والمضاف إلى ما فيه الألف واللام نحو: ساء غلام القوم زيد، والمضمر المفسر بنكرة بعده نحو: ساء رجلاً زيد، ومنه قوله تعالى: {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا} [الأعراف:177].
ويذكر بعدها المخصوص بالذم كما يذكر بعد بئس، وإعرابه كما تقدم.
وأشار بقوله: (واجعل فعلا) إلى أن كل فعل ثلاثي يجوز أن يبنى منه فعل على (فَعُل) لقصد المدح أو الذم، ويعامل معاملة نعم وبئس في جميع ما تقدم لهما من الأحكام.
فتقول: شرُف الرجل زيد، ولؤم الرجل بكر، وشرف غلام الرجل زيد، وشرف رجلاً زيد.
ومقتضى هذا الإطلاق أنه يجوز في علم أن يقال: علُم الرجل زيد بضم عين الكلمة، وقد مثل هو وابنه به.
وصرح غيره أنه لا يجوز تحويل علم وجهل وسمع إلى فَعُل بضم العين؛ لأن العرب حين استعملتها هذا الاستعمال أبقتها على كسرة عينها، ولم تحولها إلى الضم، فلا يجوز لنا تحويلها، بل نبقيها على حالها كما أبقوها، فتقول: علم الرجل زيد، وجهل الرجل عمرو، وسمع الرجل بكر].
لكن الظاهر أن كلام ابن مالك أولى وأن المسألة فيها تحويل.
[ومثل نعم حبذا الفاعل ذا وإن ترد ذماً فقل لا حبذا] يقال في المدح: حبذا زيد، وفي الذم: لا حبذا زيد، كقوله: ألا حبذا أهل الملا غير أنه إذا ذكرت مي فلا حبذا هيا واختلف في إعرابها: فذهب أبو علي الفارسي في البغداديات وابن برهان وابن خروف وزعم أنه مذهب سيبويه، وأن من قال عنه غيره فقد أخطأ عليه، واختاره المصنف: إلى أن (حب) فعل ماض، و (ذا) فاعله، وأما المخصوص فجوز أن يكون مبتدأ والجملة قبله خبره، وجوز أن يكون خبراً لمبتدأ محذوف، والتقدير: هو زيد، أي: الممدوح أو المذموم زيد، واختاره المصنف.
وذهب المبرد في المقتضب، وابن السراج في الأصول، وابن هشام اللخمي واختاره ابن عصفور إلى أن حبذا اسم وهو مبتدأ والمخصوص خبره، أو خبر مقدم والمخصوص مبتدأ مؤخر، فركبت حب مع ذا وجعلت اسماً واحداً.
وذهب قوم منهم ابن درستويه إلى أن (حبذا) فعل ماض، و (زيد) فاعله، فركبت حب مع ذا وجعلتا فعلاً، وهذا أضعف المذاهب] أ.
هـ.
فما ذهب إليه المؤلف هو أحسن الأقوال.