قال المؤلف رحمه الله: [ومَعَ مَعْ فيها قليل ونقل فتح وكسر لسكون يتصل] مَع: ظرف وهي تقتضي المصاحبة في الزمان أو في المكان، ويقال فيها: مَعْ بالسكون، وهو قليل؛ ولهذا قال: (مَعْ فيها قليل) وهذا على تقدير أن (مَعَ) معطوفة على لدن.
(مَعْ فيها قليل) مَعْ: مبتدأ، والجملة استئنافية، وليست الجملة خبراً لـ (مَعَ)؛ لأن مَعَ معطوفة على لدن، ولا تحتاج إلى خبر.
والمعنى: أن مَعَ يقال فيها مَعْ لكنه قليل، تقول: الرجل معْ صاحبه، والكثير: معَ صاحبه، وهي ظرف منصوب على الظرفية فحركتها حركة إعراب، وهي مضافة لما بعدها، وأما على لغة معْ فهي لا زالت على الظرفية، لكنها مبنية على السكون في محل نصب.
قال: (ونقل فتح وكسر) أي: نقل عن العرب فيها فتح وكسر (لسكون يتصل) يعني: إذا اتصل بها ساكن ففيها عن العرب وجهان: الفتح على الأصل، كما قال تعالى: {وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الإسراء:39]، فهي مفتوحة هنا على اللغتين جميعاً، أعني باللغتين: معَ ومعْ.
أما على لغة فتحها فالأمر واضح، لأنها باقية على الأصل، وأما على لغة بنائها على السكون فإنها حركت بالفتح لالتقاء الساكنين.
أما الكسر فيجوز أن تقول: جئت معِ الرجلِ، بكسر العين، وهذا لا يتأتى إلا على لغة السكون؛ لأنه على لغة إعرابها بالفتح لا حاجة إلى الكسر، إذ إنه لم يلتق ساكنان حتى نحتاج إلى الكسر، لكن على لغة السكون نقول: كسرت لالتقاء الساكنين.
الخلاصة الآن: (مع) ملازمة للإضافة، وفيها لغتان: إحداهما: الإعراب، وتكون معربة منصوبة بالفتح.
والثانية: البناء، وتكون مبنية على السكون.
وعلى هذه اللغة إذا اتصل بها ساكن جاز في عينها أن تفتح وأن تكسر، فتقول: جئت معَ الرجل، وجئت معِ الرجلِ.
والله أعلم.