قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا تضف لمفرد معرف أياً وإن كررتها فأضف أو تنوي الاجزا واخصصن بالمعرفة موصولة أياً وبالعكس الصفة وإن تكن شرطاً أو استفهاما فمطلقاً كمل بها الكلاما] هذه أيٌّ، وما أدراك ما أيٌّ؟ يقول المؤلف: (ولا تُضف لمفرد معرف أياً): (أيٌ): معروف أنها تضاف، وقد لا تضاف.
قال الله تعالى: {أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:110]، هذه غير مضافة.
وتقول: أي رجل لقيته فأكرمه.
هذه مضافة.
لكن إلى أي شيء تضاف إذا أضيفت؟ يقول: (لا تضف لمفرد معرف أياً) أي: لا تضاف (أيّ) لمفرد معرف، وعلم من قوله: (لمفرد) أنها تضاف للجمع المعرف وتضاف للتثنية المعرفة، فتقول: أي الرجلين قاما، وتقول: أي الرجال قاموا.
ويجوز: أي رجل قام، لأنه مفرد لكن غير معرف.
ولا يجوز: أي زيد قام؛ لأنه مفرد معرف، إلا في أحوال ثلاثة كما قال: (وإن كررتها فأضف، أو تنوي الاجزا).
ومثال التكرار قوله: فلا تسألون الناس أيي وأيكم غداة التقينا كان خيراً وأكرما الشاهد: (أيي وأيكم) هنا أي مضافة لمفرد معرف، لكنها كررت.
ومثله: أي زيد وأي عمرو خيرٌ، وإن كان هذا التركيب فيه ما فيه، لكن يصح: أي زيد وأي عمرو خيرٌ، أيي وأيكم خير؛ ولكن قد يقول قائل: (أيي) مضاف لمفرد معرف، لكن (أيكم) مجموع، فالمثال الذي يتطابق: أي زيد وأي عمرو خيرٌ، حيث أضيفت إلى مفرد معرف في موضعين! قال: (أو تنوي الأجزاء) يعني: تنوي بأي التي أضفتها إلى مفرد معرف أجزاء هذا المفرد المعرف، فتقول: أي الثوب أحسن؟ فهنا أردت الأجزاء، أيُّ: أيُّ جزء في الثوب أحسن؟ وتقول مثلاً: أي البدن أحسن؟ فهنا نوينا الأجزاء.
وتقول: أي السماء أجمل؟ فنقول: نجومها مثلاً، فيجوز؛ لأنك نويت الأجزاء.
قوله: (واخصصن بالمعرفة موصولة أياً).
(أيٌّ) تأتي موصولة كما تقدم لنا في باب الموصول في قول ابن مالك: (أيٌّ كما)، قال الله تعالى: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} [الكهف:12].
فهنا يقول: إن الموصولة مخصوصة بالمعرفة، أي: لا تضاف إلا إلى معرفة؛ وذلك لأنها لم ترد في اللغة العربية إلا مضافة إلى معرفة، فلا يمكن أن نضيفها إلى نكرة، فلا تقول: يعجبني أي رجل أَقْوَم، بل تقول: يعجبني أيهم أقوم، أي: الذي هو أقوم، كما مر في باب الاسم الموصول.
قوله: (وبالعكس الصفة) (أيٌّ) تأتي صفة، وإذا أتت صفة فإنها لا تضاف إلى معرفة، تقول: جاء زيد أيَّ بطل، وهي هنا حال، والحال وصف في المعنى، وتقول: مررت برجل أي رجل، فأيّ صفة لرجل، فأضيفت هنا إلى نكرة.
إذاً: أيٌّ إذا كانت موصولة اختصت بالمعارف، وإذا كانت صفة اختصت بالنكرات، سواء كانت حالاً أو نعتاً.
قوله: [وإن تكن شرطاً أو استفهاماً فمطلقاً كمل بها الكلام].
يعني: إذا كانت شرطية أو استفهامية فأضفها إلى المعرفة والنكرة والمفرد والجماعة، وإن شئت فلا تضفها.
وقوله: (مطلقا) يعني: بغير قيد.
وأتى بقوله: (كمل بها الكلاما) لأن الكلام متشتت في (أيّ) يحتاج إلى وعي.
فالذي فهمنا من كلام المؤلف أن أياً تأتي لأربع معانٍ: موصولة، وصفة، وشرطية، واستفهامية.
وأن الموصولة في الإضافة مختصة بالمعارف، والصفة مختصة بالنكرات.
والشرطية والاستفهامية مطلقة، تكون للنكرات وللمعارف: فتقول مثلاً: أي السبيلين تسلك أسلك، أي سبيل تسلك أسلك، في المثال الأول أضيفت لمعرفة وفي الثاني لنكرة.
وتقول: أياً تسلك أسلك، هذه غير مضافة أصلاً.
وتقول: أي رجل عندك؟ هذه استفهامية أضيفت لنكرة.
وتقول: أي الرجلين عندك؟ هذه أيضاً استفهامية أضيفت إلى معرفة.
وتقول: أيٌ عندك من القوم؟ هذه لم تضف.
فالحاصل أن أيّاً إذا كانت شرطاً أو استفهاماً أضيفت إلى النكرات والمعارف والمفرد والمثنى والجمع، وتقطع عن الإضافة.
وإذا كانت موصولة اختصت بالإضافة إلى المعارف، وإذا كانت صفة اختصت بالإضافة إلى النكرات.
والآن كملنا بها الكلام، والله أعلم.
إعراب: (وعلمناه من لدنا علماً).
علمناه: علم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك.
نا: ضمير متصل في محل رفع فاعل.
والهاء: ضمير متصل في محصل نصب مفعول به أول لِعَلَّم.
من: حرف جر.
لدنا: لدن: اسم مبني على السكون في محل جر بمن، وهو مضاف، ونا: ضمير في محل جر مضاف إليه.
علماً: مفعول به ثان لعلَّم.