قال المؤلف رحمه الله: [وموضع الحال تجيء جمله كجاء زيد وهو ناوٍ رحله] نحن قلنا: إننا نحب أن نعرب الأبيات؛ لأنه يعين على فهم المعنى: موضعَ الحال: ظرف مكان متعلق بتجيء، وهو منصوب على الظرفية لأنه مكان مضمن معنى (في).
وموضع مضاف، والحال مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
تجيء: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.
جملة: فاعل مرفوع بالضمة إلا أنه سُكن لأجل الروي.
كجاء زيد وهو ناو رحلة: كجاء زيد: الكاف كاف التشبيه، وهي حرف جر.
جاء: فعل ماض، ونحن قلنا إن حروف الجر من علامة الاسم، فكيف دخلت الكاف على الفعل الماضي؟
و صلى الله عليه وسلم أنها داخلة على مجرور محذوف تقديره: كقولك جاء زيدٌ وفي وجه آخر أيضاً: أن الكاف حرف جر، وجاء زيدٌ وهو ناوٍ رحلة: كل الجملة مجرورة بالكاف؛ لأن هذه الجملة كلها بمعنى: كهذا المثال.
إذاً: جاء: فعل ماض.
زيد: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
الواو: واو الحال.
هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
ناوٍ: خبر مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة، وأصله: ناوي.
رحلة: مفعول به لاسم الفاعل الذي هو (ناو) والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على زيد.
وجملة (وهو ناو رحلة) في محل نصب على الحال.
يذكر المؤلف رحمه الله أنه قد تجيء الحال جملة.
وقد سبق أن الحال مفرد، فإنه قال: (الحال وصف) والوصف يكون مفرداً، مثل: جاء الرجل راكباً، ولكن قد تكون الحال جملة اسمية أو فعلية.
فيقول المؤلف: (وموضع الحال تجيء جملة) أي: تجيء الجملة في موضع الحال، وإذا جاءت في موضع الحال فإن محلها حينئذٍ هو النصب.
مثالها: (جاء زيدٌ وهو ناوٍ رحلة)، لو أنك غيرت هذه الجملة إلى اسم وقلت: جاء زيدٌ ناوياً رحلةً، لصح ذلك، إذاً: جملة (وهو ناو رحلة) في محل نصب على الحال.
مثال آخر: جاء الرجل وهو مسرعٌ، يعني: والحال أنه مسرع.
أقبل الرجل والشمس طالعة: أقبل الرجل: فعل وفاعل.
والشمس: الواو للحال، والشمس مبتدأ.
طالعة: خبر المبتدأ.
والمعنى: أقبل الرجلُ والحال أن الشمس طالعة.
وقال تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة:187] المعنى: لا تباشروهن والحال أنكم عاكفون في المساجد.
وأمثلة هذا كثيرة؛ لكن المؤلف يقول: [وذات بدء بمضارع ثبت حوت ضميراً ومن الواو خلت].
نحن قلنا قبل قليل إن الجملة التي تقع حالاً تكون اسمية، ومثالها: جاء زيدٌ وهو ناوٍ رحلة.
وتكون فعلية، والفعلية يكون فعلها ماضياً أو مضارعاً أو فعل أمر، والأمر لا يتأتى إلا على تقدير كما سيأتي.