قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن تؤكد جملة فمضمر عاملها ولفظها يؤخر] أي: إن أكدت جملة فإن عاملها يجب أن يكون محذوفاً؛ وإنما كان كذلك لأننا لو أتينا بالعامل مع أنها مؤكدة للجملة لزم أن نأتي بمؤكد ومؤكد بتأكيد واحد، المؤكَّد الأول عاملها، والمؤكَّد الثاني الجملة، والمؤكِّد واحد وهي الحال، تقول مثلاً: هذا أخوك عطوفاً، فكلمة (عطوفاً) مؤكدة لمضمون قولك: هذا أخوك.
وإن شئت فقل: هذه أمك رحيمة، فكلمة (رحيمة) مؤكدة لجملة: هذه أمك؛ لأن الأم عادتها الرحمة.
أو قل: هذا عدوك حاقداً.
فعلى هذا إذا أكدت الحال جملة وجب أن يكون عاملها محذوفاً؛ لئلا يكون مؤكد واحد لمؤكَّدين، ثم نقدر العامل: أحقه عطوفاً، يعني: أثبته، لأنك إذا قلت: هذا أخوك، فهذا إثبات أنه أخ، فيكون (عطوفاً) حالاً من المفعول في الفعل المقدر، والتقدير: أحقه عطوفاً.
وإنما تحاشى النحويون أن يجعلوا الجملة نفسها هي العامل؛ لأنه سبق لنا أن عامل الحال هو الفعل، أو الوصف، أما الجملة فلا تصلح أن تكون عاملاً، فلهذا قالوا: يجب أن يكون عامل الحال محذوفاً وجوباً.
إذاً: هذا البيت معناه: أن الحال قد تجيء مؤكدة لجملة سابقة، أي: أنها بمعناها، فحينئذ يجب أن يكون عاملها محذوفاً، ومثاله: هذا أخوك عطوفاً، هذا أبوك رحيماً، هذه أمك حانية، وما أشبه ذلك.
والله أعلم.