ثم قال: [والأمر إن لم يك للنون محل فيه هو اسم نحو صه وحيهل] أشار المؤلف بهذا البيت إلى أنه إذا كانت الكلمة تدل على معنى الفعل ولكن لا تقبل علامته فإننا نسميها اسم فعل، مثل: صه بمعنى اسكت، وأص بمعنى أسكت، ومه بمعنى كف، وحيهل بمعنى أقبل، و (حيَّ)، في قول المؤذن: حي على الصلاة اسم فعل أمر؛ لأنها بمعنى أقبل.
وهذا البيت ذكر فيه ابن مالك حكم ما دل على الأمر ولم يقبل علامته، فهو اسم فعل أمر، فهل نقول: وما دل على المضارع ولم يقبل علامته فهو اسم فعل مضارع، وما دل على الماضي ولم يقبل علامته فهو اسم فعل ماض؟
و صلى الله عليه وسلم نعم.
هو كذلك.
إذاً: هنا قاعدة: وهي أن ما دل على معنى الفعل ولم يقبل علامته فهو اسم لذلك الفعل.
فقوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون:36]، هذا اسم فعل ماض؛ لأنها بمعنى بَعُدَ.
وكذلك: شتان ما بينهما، بمعنى بَعُد أيضاً فهذا اسم فعل ماض.
{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء:23] اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر.
بحث في كلمة صه ومه: يقول النحويون: إن أردت أن تسكته عن كل كلام فقل: صهٍ! حتى يسكت عن كل شيء، وإن أردت أن تسكته عن كلام معين فقل: صهِ بدون تنوين، وذلك لأنها إذا نونت صارت نكرة، وإذا لم تنون فهي معرفة فإذا سمعت شخصاً يتحدث بكلام ليس بجيد قلت: صهِ! بدون تنوين، أي: اسكت عن هذا الكلام المعين.
فإذا سمعت شخصاً يتحدث عند قوم نيام قلت له: صهٍ! يعني: اسكت عن كل كلام لئلا توقظ النيام.
خلاصة البحث الذي سبق: أن للفعل علامات وأن للحرف علامات، كما أن للاسم علامات، وأن علامات الأفعال تتنوع بحسب تنوع الأفعال.
فعلامة الفعل الماضي الخاصة به التاء، أعني تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة.
وعلامة المضارع دخول لم.
وعلامة الأمر قبول نون التوكيد مع دلالته على الأمر.