ثم قال رحمه الله: [وسم بالنون فعل الأمر إن أمر فهم] (سم بالنون) يعني: اجعل النون سمة فعل الأمر، والسمة هي العلامة، لكن قيد فقال: (إن أمر فهم).
إذاً: فعل الأمر يتميز عن صاحبيه بقبول النون مع إفهام الأمر، وأل في قوله: (بالنون) للعهد الذكري، والنون السابقة هي (نون أقبلن) أي نون التوكيد.
يعني: فعلامة فعل الأمر قبول نون التوكيد لكن بشرط أن يفهم منه الأمر.
وإنما قال المؤلف: (إن أمر فهم) ليخرج بذلك المضارع؛ لأن المضارع يقبل نون التوكيد لكن لا يفهم منه الأمر.
ويكون القيد الأول (سم بالنون) يخرج الفعل الماضي؛ لأن الفعل الماضي لا يقبل نون التوكيد، و (إن أمر فهم) يخرج المضارع؛ لأن المضارع لا يفهم منه الأمر.
وبهذا تميزت الأفعال بعضها من بعض، حيث يتميز الفعل الماضي عن صاحبيه بقبول تاء الفاعل وتاء التأنيث، ويتميز المضارع عن صاحبيه بقبول لم، ويتميز فعل الأمر عن صاحبيه بقبول نون التوكيد مع دلالته على الأمر.
ونون التوكيد تدخل على المضارع، ومن ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:8].
فإذا قال قائل: أليس الفعل المضارع تدخل فيه النون مع الدلالة على الأمر فيما إذا اقترنت به لام الأمر، مثل أن تقول: لتفهمَنَّ أيها الطالب؟ ف
صلى الله عليه وسلم بلى، لكن فهم الأمر ليس من الفعل بل هو من اللام، ومراد ابن مالك بقوله: (إن أمر فهم) أي إن فهم الأمر من نفس الكلمة لا من أمر خارج، والمضارع إذا فهم منه الأمر في قول القائل: لتفهمن، فإنما كانت الدلالة هنا باللام، لا من حيث صيغة الفعل.