قال المؤلف: [وبعد ما استفهام او كيف نصب بفعل كون مضمر بعض العرب] كأنه قيل للمؤلف: أنت تقول إنه لابد أن يتقدم الفعل أو شبهه وأنه هو الناصب، ووجدنا أن العرب يقولون: كيف أنت وقصعة من ثريد؟ ويقولون: ما أنت وزيداً؟ فما هو الجواب؟
و صلى الله عليه وسلم أن النصب بفعل كون مضمر.
يعني أننا نقدر فعل كون وهو (كان أو تكون) أو ما أشبه ذلك، فالتقدير: كيف تكون أنت وقصعةً من ثريد؟ ما تكون أنت وزيداً؟ وبعضهم يقول: نقدر (تصنع) أي: ما تصنع أنت وزيداً؟ فبعد: ظرف منصوب على الظرفية، والعامل فيه (نصب)، ما استفهام: ما: مضاف، واستفهام: مضاف إليه.
وإنما قال: (بعد ما استفهام) للتخصيص؛ لأن (ما) تكون استفهامية، وتكون شرطية، وتكون نكرة موصوفة، وتكون غير ذلك، فلها عشر معان نظمها بعضهم فقال: محامل ما عشر إذا رمت عدها فحافظ على بيت سليم من الشعر ستفهم شرط الوصل فاعجب لنكرها بكف ونفي زيد تعظيم مصدر هذه معاني ما، ولهذا احتاج أنه يقول: (بعد ما استفهام).
ولم يقل: (كيف استفهام) لأنها لا ترد إلا استفهامية.
قوله: (بفعل كون مضمر) أي: محذوف.
(بعض العرب) فاعل نصب، يعني: أن بعض العرب نصب المفعول معه بعد الواو التي لم تسبق بفعل أو شبهه، ولكنه بعد ما أو كيف، ويقدر لذلك فعل مناسب، والمؤلف يقول: إنه يقدر فعل مشتق من الكون، وهو: "يكون أو تكون أو كن"، ولكن الأصح كما قاله أهل الحواشي: أن نقدر الفعل المناسب، على أنه يمكن أن نجعل "كون" في كلام المؤلف ليست هي التي اشتق منها كان، وأن المراد بالكون الحدث، يعني: بفعل حدث ويقدر بما يناسب المقام.
القواعد المستفادة من هذه الأبيات: القاعدة الأولى: أن المفعول معه اسم منصوب تال لواو بمعنى مع مسبوقة بفعل أو شبهه.
القاعدة الثانية: هل الناصب لهذا الاسم الواو أو ما سبقها من فعل أو شبهه؟ في ذلك قولان للعلماء، والذي يرجحه ابن مالك أنه منصوب بالفعل السابق أو شبهه.
القاعدة الثالثة: يجوز أن ينصب بعد واو المعية إذا سبقت بما الاستفهامية أو كيف كما ورد ذلك عن بعض العرب، وعلى هذا فيجب أن نقدر فعلاً مناسباً للمقام.