العامل في المفعول معه

قال المؤلف: (بما من الفعل وشبهه سبق ذا النصب لا بالواو في القول الأحق) بما من الفعل: الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والمبتدأ الذي هذا خبره هو قوله: (ذا النصب).

(ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

النصب: صفة.

وتقدير البيت: هذا النصب بما سبق من الفعل وشبهه.

وقوله: ما في (بما): اسم موصول وصلتها قوله: (سبق).

ومن الفعل: جار ومجرور متعلق بسبق.

ففيه تقديم وتأخير كثير: أولاً: تقديم الخبر.

ثانياً: تقديم متعلق الصلة (من الفعل وشبهه) لأنه متعلق بـ (سبق).

إذاً التقدير: هذا النصب بما سبق من الفعل وشبهه.

وكأن سائلاً سأل ابن مالك: نحن نصبنا الاسم بعد واو المعية، فما الذي نصبه؟ فقال: الذي نصبه ما سبق من الفعل وشبهه.

مثال النصب بما سبق من الفعل: سرت والطريق ومثال النصب بما سبق من شبه الفعل: أنا سائرٌ والطريق.

هذا شبه فعل؛ لأنه اسم فاعل.

أنا مُسيَّرٌ والطريقَ.

شبه فعل؛ لأنه اسم مفعول.

يعجبني سيري والطريقَ.

هذا مصدر وهو شبه الفعل أيضاً.

إذاً: الناصب للاسم الواقع بعد واو المعية هو ما سبقها من الفعل وشبهه.

وفهم من قول المؤلف: (بما سبق) أن العامل لا بد أن يسبق واو المعية، فلو قلت: والطريقَ سرتُ، لم يصح.

لا بد أن يتقدم الفعل، فلا يجوز: والطريق سار محمد.

ويجوز: سار والطريق محمدٌ؛ لأن الفعل سبق.

وقول المؤلف: (لا بالواو) يعني: الاسم الواقع بعد الواو المنصوب ليس منصوباً بالواو.

قوله: (في القول الأحق) أفادنا المؤلف أن المسألة فيها قولان للنحويين: بعضهم يقول: سرتُ والطريقَ.

سرت: فعل وفاعل.

والواو: واو المعية.

الطريق: مفعول معه منصوب بالواو، والمؤلف يقول: منصوب بالفعل.

لكن قال: (في القول الأحق) يعني الأثبت والأقوى، والسبب أن الواو هنا مختصة بهذا الاسم وكل شيء مختص وليس كالجزء من الكلمة فإنه لا يعمل.

والحقيقة أن هذا التعليل لو عكس لكان أولى؛ لأن كل حرف مختص وليس كالجزء من الكلمة فهو عامل، وهذا معروف وله قاعدة منفردة، لكن هم يقولون إنها قاعدة أغلبية.

فمثلاً: (في) تعمل لأنها مختصة بالاسم وليست كالجزء منه.

(هل) لا تعمل لأنها غير مختصة، بل تدخل على الاسم فيقال: (هل محمد في البيت)، وعلى الفعل: (هل قام محمد).

السين: (سيقول السفهاء) مختصة بالفعل ولكنها لا تعمل؛ لأنها كالجزء منه.

هكذا يعلل النحويون، وأنا رأيي في كون الأداة تعمل أو لا تعمل أنه راجع إلى لغة العرب، وهم الحكم في هذا الأمر.

وهنا في ناصب المفعول معه نقول: في ذلك رأيان لأهل العلم: منهم من يقول: منصوب بالواو.

ومنهم من يقول: منصوب بما سبقه من الفعل وشبهه.

وقد قلت لكم سابقاً إننا نختار في النحو ما هو أصلح، وعلى هذا فمن أعرب وقال: إن الناصب ما سبق من الفعل وشبهه، قلنا له: هذا صحيح، ومن قال إنه الواو قلنا: إنه صحيح، ولسنا في ذلك نعطل نصاً ولا ننسخه!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015