ثم ذكر المؤلف خصائص أخرى فقال: (والأمر هبْ قد ألزما كذا تعلم).
هبْ: من أفعال القلوب لكنها ملازمة للأمر، أي: لا ترد إلا بصيغة الأمر، فلا ترد بصيغة المضارع ولا بصيغة الماضي، بل هي دائماً بصيغة الأمر.
وقوله: (والأمرَ) مفعول مقدم لـ (ألزم).
هبْ: مبتدأ.
قد: حرف تحقيق.
ألزم: فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله، والجملة خبر (هب)، ونائب الفاعل هو في محل المفعول الأول، وتقدير الكلام على ترتيبه الطبيعي: وهبْ قد ألُزم الأمر، أي: أن (هب) لازم للأمر، فلا يأتي مضارعاً، ولا يأتي ماضياً، ولا يأتي اسم فاعل، ولا اسم مفعول، ولا غيرها من المشتقات.
قوله: (كذا تعلَّم) أي: قد أُلزم الأمر، فلا يأتي مضارعاً، ولا يأتي ماضياً، ولا اسم فاعل، ولا اسم مفعول، ولا مصدراً.
فصار عندنا أداتان لازمتان للأمر هما: هبْ، وتعلَّم.
ثم قال: (ولغير الماضِ من سواهما اجعل كل ما له زكن) أي: لغير الماضي من سوى هبْ وتعلّم.
وقوله: (ولغير الماضي) متعلق بـ (اجعل).
كل: مفعول أول لـ (اجعل) و (اجعل) التي معنا من أفعال التصيير، يعني: صير ما سواهما لغير الماضي.
وقوله: (لغير الماضي) السابق: مفعول ثان.
ما: موصولة.
له: جار ومجرور.
زكن: فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله، وله: متعلق به، والجملة صلة الموصول، وزكن بمعنى: علم.
وقد أفادنا المؤلف رحمه الله بهذا أن جميع أفعال القلوب وأفعال التصيير كلها تتصرف إلى المضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول وغير ذلك، إلا صيغتان، وهما: هبْ وتعلَّم، فتقول في ظن: ظننت، وأظنُّ، وظُن، وأنا ظان، وزيد مظنون، وهكذا جميع الأفعال القلبية والتصييرية تتصرف إلا هبْ وتعلَّم، وما تصرف إليه فله حكم الماضي.