قال المصنف رحمه الله تعالى: [وجردن عسى أو ارفع مضمرا بها إذا اسم قبلها قد ذكرا] جردن: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، وهل نقول: في محل جزم أو نقول: مبني على الفتح فقط؟ المشهور عند البصريين أنه مبني على الفتح فقط، ولا نقول: في محل جزم، وأما من قال: إن فعل الأمر مجزوم بلام الأمر المحذوفة والتقدير: لتجرد، فهذا يكون مبنياً على الفتح في محل جزم، لكن الصحيح والمشهور أنه مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد.
عسى: مفعول جرد باعتبار اللفظ.
(أو ارفع مضمراً)، أو: للتخيير، ارفع: فعل أمر، مضمراً: مفعول به.
بها: جار ومجرور متعلق بارفع.
(إذا اسم قبلها قد ذكرا): إذا: شرطية، واسم قيل: نائب فاعل لقوله: (ذكر)، وقيل: نائب فاعل لفعل محذوف يفسره (ذُكر)، وقيل: مبتدأ.
فالأقوال إذاً: ثلاثة، والأسهل أن نقول: مبتدأ؛ لأنه إذا قلنا مبتدأ لم يحصل تقديم ولا تأخير ولا تقدير، وإذا قلنا: إنه نائب فاعل لفعل محذوف كان هناك تقدير، وإذا قلنا: نائب فاعل لـ (يذكر) ولكنه مقدم كان هناك تقديم وتأخير.
يقول المؤلف رحمه الله: إذا سبق عسى اسم فلك في استعمالها وجهان: الوجه الأول: أن ترفع بها ضميراً.
الوجه الثاني: أن تجردها من الضمير.
مثال ذلك: زيد عسى أن يقوم.
فزيد: مبتدأ.
وعسى: فعل ماض وفاعلها مستتر جوازاً تقديره هو.
أو إن شئت فقل: أن: مصدر، يقوم: الفعل المضارع منصوب بالمصدر، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل؛ لأنه يقول: إما أن تجردها من الضمير فتكون أن وما بعدها فاعلاً، وإما أن ترفع بها ضميراً فتكون أن وما دخلت عليه خبراً.
ويظهر ذلك أيضاً في المثال إذا كان الفاعل غير مفرد مذكر، مثاله: هند عسى أن تقوم.
فعلى إضمار الفاعل نقول: هند عست أن تقوم؛ لأن الفعل إذا كان فيه ضمير عائد إلى المؤنث وجب التقدير، فنقول: هند عست أن تقوم.
وعلى عدم إضمار الفاعل نقول: هند عسى أن تقوم، ونجعل (أن تقوم) هي الفاعل، وتكون تامة، أو على القول الثاني تكون أن وما دخلت عليه سدت مسد الاسم والخبر.
مثال آخر: الرجلان عسى أن يقوما؛ نقول على تقدير المضمر: عسيا أن يقوما، وعلى عدم الإضمار: عسى أن يقوما.
والرجال عسى أن يقوموا؛ على إثبات المضمر نقول: عسوا أن يقوموا، وعلى حذفه: عسى أن يقوموا، ولهذا قال: (وجردن عسى أو ارفع مضمرا بها إذا اسم قبلها قد ذكرا)