استعمال بعض أخوات كاد تامة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد غنى بأن يفعل عن ثان فقد وجردن عسى أو ارفع مضمراً بها إذا اسم قبلها قد ذكرا والفتح والكسر أجز في السين من نحو عسيت وانتقا الفتح زكن] سبق الكلام على تقسيم أفعال المقاربة من حيث المعنى، ومن حيث اقترانها بأن، ومن حيث تصرفها، وهنا ذكر تقسيماً آخر فقال: (بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد).

بعد: ظرف مكان متعلق بـ (يرد)، وهو مضاف إلى (عسى).

اخلولق: معطوفة على (عسى) بإسقاط حرف العطف للضرورة.

أوشك: كذلك معطوفة على عسى بإسقاط حرف العطف للضرورة.

قد يرد: قد: هنا داخلة على فعل مضارع فتفيد التقليل، والفعل بعدها مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها مراعاة الروي، وإلا فالأصل أنها: قد يردُ.

غنى: فاعل (يرد).

بأن يفعل: الباء: حرف جر، وأن يفعل: مجرورة بالباء؛ لأنه مراد لفظها، فهي مجرورة بالكسرة المقدرة على آخرها منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية.

عن ثان: جار ومجرور متعلق بـ (غنى)، أي: استغناء عن ثان فقد، والثاني هو الخبر، أي: استغنى بـ (أن يفعل) عن الخبر ويكون في محل رفع فاعل.

أفاد المؤلف أن هذه الأفعال تنقسم من حيث التمام والنقص إلى قسمين: قسم لا يستعمل إلا ناقصاً، وقسم يستعمل تاماً: فالذي يستعمل تاماً ثلاث أدوات: عسى، واخلولق، وأوشك، فعسى واخلولق من حيث المعنى متفقة تفيد الرجاء، وأوشك للمقاربة.

قوله: (قد يرد غنى بأن للفعل)، أي: قد تستغني هذه الأفعال الثلاثة بـ (أن يفعل) عن الخبر، وعلى هذا تكون تامة، وقيل: إنها لا تكون تامة، وتكون أن وما بعدها سدت مسد الاسم والخبر، كما يكون ذلك في التعليق في أفعال القلوب كما سيأتي إن شاء الله.

والخلاف قريب من اللفظي في الواقع، إلا في بعض الأحوال فإنه يتبين الخلاف كما سيذكره في البيت الذي يأتي، مثال ذلك: تقول: عسى أن يقوم زيد، فهنا نقول: عسى: فعل ماض، وهو من أفعال الرجاء.

أن يقوم: أن: حرف مصدر ينصب الفعل المضارع، يقوم: فعل مضارع منصوب بأن.

زيد: فاعل أن يقوم، وأن وما دخلت عليه في محل رفع فاعل عسى، هذا إذا قلنا: إنها تامة.

ويرى بعض العلماء أنها ناقصة، وأن (أن يقوم) سد مسد الاسم والخبر، والخلاف لفظي إلا في بعض الأحيان، فمثلاً إذا قلت: عسى أن يقوم زيد، فهنا لا يظهر أثر للخلاف؛ لأن التركيب سيكون هكذا: عسى أن يقوم زيد.

لكن لو قلت: عسى أن يقوم الزيدان، فإذا قلنا: إنها تامة وأنْ وما دخلت عليه في محل رفع فاعل فالتركيب هكذا: عسى أن يقوم الزيدان.

وإذا قلنا: إنها ناقصة، فهنا يمكن أن نجعل الفعل خبراً مقدماً، والزيدان مبتدأ مؤخراً ونقول: في التركيب: عسى أن يقوما الزيدان، فتكون (الزيدان) اسمها مؤخراً، و (أن يقوما) خبرها.

ولكن هل هذا وارد عن العرب؟ هو على لغة أكلوني البراغيث وارد لا شك، يقولون: عسى أن يقوما الزيدان، وعسى أن يقوموا الزيدون، لكن على اللغة الفصحى لا ندري هل هذا التركيب وارد أو لا؟ لكن لو ورد فإنه يخرج على هذه اللغة، أي: على أن ما بعد الفعل اسم مؤخر، والفعل والفاعل في محل نصب خبر مقدم.

مثال آخر: عسى أن تقوم هند، نقول: عسى: فعل ماض.

أن: حرف مصدري.

تقوم: فعل مضارع منصوب بأن.

هند: فاعل تقوم، وأن وما دخلت عليه في محل رفع فاعل، هذا إن قلنا بأنها تامة.

وإن قلنا بأنها ناقصة نقول: أن وما دخلت عليه سدت مسد الاسم والخبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015