قال المؤلف: [وقد يصير علماً بالغلبة مضاف أو مصحوب أل كالعقبة) أي: قد يكون المحلى بأل علماً بالغلبة، وكذا المضاف، وقد يقول قائل: إن الأولى أن يذكر في باب العلم، لكن كأنه استطرد لما ذكر أل التي تدخل على الأعلام للمح الأصل فذكر شيئاً يستعمل أيضاً وهو المضاف، فقد يكون المضاف علماً بالغلبة بمعنى: أنه لا يعرف إلا لهذا الرجل مع أنه صالح له ولغيره، مثال ذلك: ابن عمر؛ إذا قيل: وعن ابن عمر رضي الله عنه صار علماً بالغلبة لا بالتسمية على عبد الله بن عمر.
وابن عباس على عبد الله.
فالغالب أنه إذا قيل ابن عباس فهو عبد الله، وإذا قيل ابن الزبير فهو عبد الله وهلم جرا.
فمعنى الكلام أنه قد تصير الكلمة علماً لا بوضع الأصل إنما بالغلبة.
وقوله: (أو مصحوب أل كالعقبة) العقبة اسم لكل عقبة في جبل تحتاج إلى صعود، لكنها صارت علماً بالغلبة على عقبة منى؛ ولهذا إذا قيل: جمرة العقبة؛ ذهب ولهك إلى أنها عقبة منى.
فكلمة العقبة الآن اسم لعقبة معينة لا بالتسمية ولكن بالغلبة؛ لأن العقبة تصلح لها ولغيرها.
والمدينة علم على مدينة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالغلبة، وإلا فهو صالح لكل مدينة كما قال تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [القصص:20]، فليست هي مدينة الرسول، لكن صارت المدينة علماً على المدينة النبوية بالغلبة، فكلما ذكرت في الكتب الإسلامية المدينة انصرف الذهن إلى المدينة النبوية.
وبهذه المناسبة ينبغي أن نصفها بالمدينة النبوية دون المدينة المنورة؛ لأن المنورة لا نعلم لها أصلاً، لكن المدينة النبوية بالنسبة للنبي واضح.
قد يقول قائل: إن المدينة المنورة لها أصل، وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فاستنار منها كل شيء، فلما مات أظلم منها كل شيء)، فقد يقول: لها أصل، لكنها مع ذلك لم يسمها الصحابة المنورة، والعلماء السابقون يسمونها المدينة النبوية، أو يقولون: المدينة ويسكتون.
وكذلك مكة المكرمة أيضاً ما علمنا في السابق أنها توصف بهذا الوصف.
والكتاب عند النحويين كتاب سيبويه مع أن الكتاب صالح لكل كتاب.
وممكن أن نقول: حتى قوله تعالى: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الدخان:1 - 2] أن الكتاب المبين يعني: القرآن، وهو علم بالغلبة.