تقدم أن (أل) تزاد أحياناً زيادة لازمة مثل: اللات، والذين، واللاتي وما أشبهها.
وقد تزاد للاضطرار مثل: بنات الأوبر، وطبت النفس يا قيس، وهذا في ضرورة الشعر.
الموضع الثالث: تزاد للمح الأصل، ولهذا قال: [وبعض الأعلام عليه دخلا للمح ما قد كان عنه نقلا] قوله: (بعض الأعلام) يدل على أنه ليس كل الأعلام بل بعضها.
(عليه دخلا) أي: الألف واللام إذا جعلنا الألف في قوله: دخلا للتثنية؛ فإن جعلنا الألف لإطلاق الروي؛ فإن المراد (دخل) أي: أداة التعريف.
والمعنى: بعض الأعلام تدخل عليه أل ونقول: إنها زائدة؛ لأنها دخلت على علم ولم تفد تعريفاً، فوجودها وعدمها سواء.
قال: (للمح ما قد كان عنه نقلا) يعني: أنهم يدخلونها لأجل أن يلمح السامع ما نقل عنه هذا العلم، مثاله: (الفضل) لو حذفت (أل) وقيل: (فضل) لصح الكلام، ولم نحتج إلى أل؛ لأنه علم، فحصلت معرفته بالعلمية؛ فتكون أل زائدة.
لكن زادوها لأجل لمح الأصل الذي هو المصدر؛ لأن (فضل) مصدر فَضَل يَفضُل فضلاً؛ فإذا سمع السامع الفضل ذهب ذهنه إلى المصدر الذي هو المعنى الذي يرغب فيه فيكون تفاؤلاً بأن هذا الرجل المسمى بالفضل يكون ذا فضل وشرف.
و (الحارث)، هذه أل زائدة؛ ووجه زيادتها أنه لا يحتاج إليها في تعريف مدخولها؛ لأن مدخولها علم.
فأدخلت للمح الأصل؛ فالحارث اسم فاعل من الحرث، فكأن الذي وضع هذا الاسم له أراد التفاؤل بأن هذا المسمى يكبر ويكون حارثاً عاملاً كما جاء في الحديث (أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها: حارث وهمام).
و (النعمان) من أسماء الدم، والدم أحمر فيسمي الإنسان ولده النعمان تفاؤلاً بأن يظهر أحمر، والغالب أن الحمرة تدل على الصحة والنشاط.
ولهذا يقال للإنسان إذا رئي وجهه أصفر: لا بأس عليك، هل أنت مريض؟ لكن الأحمر يضرب به المثل في القوة والنشاط.
[كالفضل والحارث والنعمان فذكر ذا وحذفه سيان] (ذكر ذا وحذفه سيان) أي من حيث التعريف، أما من حيث المعنى فيختلف؛ لأن الذي يضع أل للمح الأصل ليس كالذي لا يضعه.