قال: (ولدى البعد انطقا بالكاف).
يعني: عند بُعد المشار إليه، سواء كان بُعْدُه حسياً أو معنوياً فإنه يؤتى بالكاف، فتقول: ذلك الكتاب، ذلك الرجل.
وقوله: (حرفاً) يبين أن الكاف هنا ليست ضميراً، ولكنها حرف، فإذا قلت: ذاك الرجل بعيد، تقول: ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع، والكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب، ولا تقل: ذا: مضاف والكاف مضاف إليه.
قوله: (دون لام) يعني: يؤتى بالكاف بدون لام، (أو معه) أي: مع اللام.
فتقول: ذاك رجل، بدون لام.
وتقول: ذلك رجل، باللام.
يقول: (واللام إن قدمت ها ممتنعة) تمتنع اللام إذا قدمت ها التي تفيد التنبيه.
والهاء تأتي قبل اسم الإشارة، فإذا قدمت ها امتنعت اللام، فلا تقل: هاذلك الرجل قائم، بل تقول: ذلك الرجل قائم، أو تقول: هذاك الرجل قائم.
فالصور الثلاث: صورتان جائزتان، وصورة ممتنعة: هاذاك الرجل قائم، جائزة.
ذلك الرجل، جائزة.
هاذلك الرجل، لا تجوز؛ لأنك إذا أتيت باللام مع ها التنبيه فقد يلتبس علينا أن يكون ما بعد اللام خبراً.
قال بعض العلماء: المشار إليه إما أن يكون قريباً أو متوسطاً أو بعيداً: فإن كان قريباً لم تأت باللام ولا الكاف، فتقول: هذا رجل أو ذا رجل.
وإن كان بعيداً أتيت باللام والكاف، تقول: ذلك رجل.
وإن كان متوسطاً أتيت بالكاف فقط، فتقول: ذاك رجل.
ولكن ظاهر كلام ابن مالك رحمه الله: أن البعد مرتبة واحدة فقط، وأنه يؤتى فيه بالكاف وحدها، أو بالكاف واللام ما لم تسبق ها، فإن سبقت ها فإنه لا يجوز أن يؤتى باللام.