قال المؤلف رحمه الله تعالى: [اسم الإشارة بذا المفرد مذكر أشر بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر وذان تان للمثنى المرتفع وفي سواه ذين تين اذكر تطع وبأولى أشر لجمع مطلقاً والمد أولى ولدى البعد انطقا بالكاف حرفاً دون لام أو معه واللام إن قدمت ها ممتنعة وبهنا أو هاهنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا في البعد أو بثم فه أو هنا أو بهنالك انطقن أو هنا] اسم الإشارة هو أحد أنواع المعارف؛ لأن المعارف خمس: الضمير والعلم والإشارة واسم الموصول والمحلى بأل، والسادس هو ما أضيف إلى واحد من هذه الأنواع الخمسة.
واسم الإشارة يكون في المرتبة الثالثة في التعريف؛ لأن أعرف المعارف هو الضمير بعد اسم الله ويليه العلم، ويليه اسم الإشارة.
اسم الإشارة: هو ما دل على مشار إليه، والمشار إليه: هو المعين عن طريق الإشارة، فالعلم يعين المسمى عن طريق التسمية، وهذا عن طريق الإشارة، أقول لك: هذه النجفة مثلاً، فعينتها بالإشارة، فصارت النجفة التي فوق رأسي معرفة؛ لأنني عينتها بالإشارة.
ثم إن اسم الإشارة يختلف باختلاف المشار إليه، فقد يكون المشار إليه مفرداً مؤنثاً أو مذكراً، وقد يكون مثنى مؤنثاً أو مذكراً، وقد يكون جمعاً مؤنثاً أو مذكراً، فالأقسام ستة، وكل هذه الأقسام بينها المؤلف رحمه الله فقال: (بذا لمفرد مذكر أشر).
بذا: متعلق بأشر، يعني: أشر بذا، أي: باللفظ (ذا) لمفرد مذكر، فيقال: هذا رجل، هذا قلم، هذا مسجد، هذا علم، هذا خير، وكل مفرد مذكر سواء من الأعيان والأوصاف، جماداً أو حيواناً أو غير ذلك فإنه يشار إليه بذا.
وتأتي هاء التنبيه مع ذا فيقال: هذا.
لكن ما هو اسم الإشارة إذا قلنا: هذا خير؟
صلى الله عليه وسلم هو (ذا) فقط.
قال: (بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر) لا أدري لماذا كثروا اسم الإشارة للأنثى؛ لكن اسم الإشارة للمؤنث أربع كلمات: بذي؛ تقول: هذي هند.
وذه؛ تقول: هذه هند، هذه عائشة، وذه يقال فيها: ذه وذهِ وذهي، فتكون ساكنة، ومكسورة، وبإشباع.
وتي: اسم إشارة للمؤنث أيضاً، تقول: تلك المرأة ذات دين، فتشير إليها بتي.
أو تقول: تي امرأة دينة.
تا -بالألف بدلاً عن الياء- تقول: تا هند، يعني: هذه هند.
(على الأنثى اقتصر) يعني: ولا تشر لمذكر بهذه الألفاظ الأربعة.
أما المثنى المذكر والمؤنث فقال: (وذان تان للمثنى المرتفع) ذان للمذكر، وتان للمؤنث.
المثنى المذكر يشار إليه في حال الرفع بذان.
(وفي سواه ذين) أي: في سوى المرتفع، وهو المنصوب والمجرور، يقال فيه: ذين وتين.
مثاله: تقول: هذانِ رجلان.
وتقول: إن هذينِ الرجلين.
وتقول: مررت بهذين الرجلين.
لكن مع ذلك لا تقل: مرفوعة ومنصوبة ومجرورة، قل: مبنية في محل رفع، مبينة في محل نصب، مبنية في محل جر، قالوا: وهي تبنى على الألف في حال الرفع، وتبنى على الياء في حال النصب والجر، فتقول في إعراب هذان قائمان.
الهاء: للتنبيه.
وذان: مبتدأ مبني على الألف في محل رفع، والنون تشبه النون الواقعة عوضاً عن التنوين في الاسم المفرد.
ولا تقل هنا: إنها عوض عن التنوين في الاسم المفرد؛ لأن الاسم المفرد من اسم إشارة لا ينون.
وتقول في ذين: اسم إشارة مبني على الياء في محل نصب إن كان منصوباً، أو في محل جر إن كان مجروراً.
أما الأنثى فيقول: تان، تقول: هاتان امرأتان، وتقول: إن هاتين المرأتين، وتقول: مررت بهاتين المرأتين، مبنية على الياء في محل جر.
قال: (وبأولى أشر لجمع مطلقاً).
أولى أشر بها للجمع مطلقاً، ومعنى الإطلاق هنا أنها تشمل المذكر والمؤنث.
قال: (والمد أولى) أي المد أولى من القصر، وأفادنا أن (أولى) فيها لغتان: أولاءِ وأولى.
وأن (أولاءِ) أولى من (أولى)، فتقول مثلاً: هؤلاء قومٌ صالحون، وتقول: هؤلاءِ قومٌ مسلمون.
والمقصورة مبنية على السكون، والممدودة مبنية على الكسر، قال الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين:32] ولم تأت في القرآن إلا ممدودة؛ لأن القرآن أتى باللغة الفصحى.
وبهذا نعرف أن أسماء الإشارة تكون للمفرد المذكر، وللمفرد المؤنث، وللمثنى المذكر، وللمثنى المؤنث، وللجمع، وأن الجمع ليس له إلا لفظة واحدة، وفيها لغتان: القصر والمد، والمد أولى.