والثاني: / أنه قال: «بوجهين نُمِى»، إنهُ نِقل عن العرب؛ فإن عنى قياسًا فلازمٌ في الجميع، أو غير قياس فكذلك، ويُبيّنِ ذلك أنه شرك في المسألة ما بعد إذا الفجائية لقوله: «بَعْدَ إذا فجاءَةِ أو قَسَمٍ» .. إلى آخره، وهما في إذا وجهان جَيِّدان لا نُدُورَ في أحدهما ولا قلّة، فكذلك يلزم في القَسَمِ لا محالة، وإذ ذاك يكون مخالفًا لأهل البصرة والكوفة معًا.
ويجاب عن ذلك أَنّ إحداثَ قول ثالث إذا أجمع الناس على قولين لا يكون خرقًا للإجماع عند جماعة من أهل الأصول، فلا عَتْبَ عليه. والحقُّ أنه كلامه غير مقتض لتساوي لوجهين، وإنما يقتضى قياسهما، ومعتمدُه في ذلك السماع، ولا شك أن السماع بذلك نادر، لكن قول الشاعر:
أَنِّى أَبُو ذَيالِكِ الصّبِيِّ
قد يلتحق على مذهبه بالنثر؛ إذ لا مانع ولا ضرورة تمنع من الكسر، فهو بمنزلته في غير الشعر، والقياس قابلٌ لما قال. وأيضًا الكوفيون قد اختارو الفتح على ما نقل عنهم ابن كيسانَ، وذلك لا يكون إلا مع السماع، لأن ما لا سماع فيه -وإنما أُجِيزَ بالقياسِ- لا يقال فيه: إنه أكثر من غيره، وقد قالوا: إنّ الفتح أكثر من السكر؛ فقد انتظم القياس مع السماع، وذلك ما أَرَدْنا، فلذلك -والله أعلم- اختيار الناظم هذا ما اختار. إلا أنّ فيه نظرًا من جهة أنّ إطلاقه في جواز الوجهين في القسّمِ اقتضى أن المفتوحة تقع جوابًا للقسم مطلقًا، لأنه