فإن قيل: الفرقُ بينهما أن أصل كأن منسوخ، ولذلك لم تفتقر الكاف إلى مُتَعلق، بخلاف أنّ فليس أصلها منسوخا بدليل جواز العطف/ بعدها على معنى الابتداء، كما يعطف عليه بعد المكسورة، فاعُتبِرت فرعيّة أنّ دون كأنّ لذلك.
فالجواب: أنّ اعتبار الابتداء في أنّ إنما كان من وجهٍ دون وجه؛ ألا ترى أنه من جهة التأويل بالمفرد غير معتبر، كما أن التوكيد في كأنّ معتبرٌ أيضًا، فليس أصلُها بمنسوخٍ من كلّ وجه. والذى منع من اعتبار الابتداء معها إنشاءُ التشبيه، فإنه معنى مخالف لمعنى الابتداء الذى هو إخبار. وأيضا إِنْ كن قد عدّها هنا ستةً فقد نَبّه على فرعيّةِ أَنّ بعد هذا في قوله:
وَهَمْزَ إِنّ افْتَحْ لِسَدِّ مَصْدَر
مَسَدّها ... ... ...
فجمع بين الطريقتين، طريقة من عدّها خمسة فبيّن فرعيّة أَنّ.
ثم مَثّل ذلك بقوله: «كَإِنّ زيدًا عالِمٌ .. » إلى آخره، فأتى بثلاثة أمثلةٍ لأحرف ثلاثة، فإن زيدًا عالم، مثالٌ لإنّ المكسورة. و «بأنِّىَ كُفْءٌ، مثال للمفتوحة. وبلكنّ ابنَه ذو ضِغْن مثال للكنّ. وتجرى البواقي نحوها، نحو: ليت هذا الليل شهرٌ، ولعل زيدًا قائم، وكأنّه بدرٌ.
والكُفْءُ، والكفُؤُ، والكُفُوءُ -على فُعُولٍ، كذا في الصحاح- والكفِئُ: النظيرُ. والمصدر الكفاءَة، بالفتح والمدّ. ويقال: فلانٌ لا كِفاءَ له -