وكأَنّ معناها التشبيه المؤكّد، وأصلها عندهم: إِنّ والكاف، فقولك: كأنّ زيدًا أَشَدّ، أصله: إِنّ زيدًا كأسَدٍ، لكنهم قدموا الكاف على إِنّ، ثم فتحوها إصلاحًا للفظ، فصار الحرفان واحدًا. وقد قيل: إنها تأتى للتحقيق، واسُتدلّ عليه بقول الشاعر:
فأصبح بطنُ مَكّةَ مقشعرًا
كأن الأرضَ ليسَ بها هشامُ
وَعَدُّه لها ستةً ذَهَابٌ إلى ما فَعل غيره كالزجاج وغيره. والمتقدمون يعدُّونها خمسة، وبوّب عليها سيبويه: «هذا بابُ الأحرف الخمسة». ولم يعدّ أَنّ المفتوحة وكذلك فعل المبرِّدُ وابن السّراج وغيرهم،
لأنّ المفتوحة فرعٌ عن المكسورة، من جهة أنها إذا وقعت موقع مفردٍ لم يمكن أَنْ تبقى مكسورة، لما يلزم فيها من وقوعها مبتدأةً وبعدها جملة، ففتحوها لأَنْ تَصِير مقدّرة بمفرد، ويصحّ لهم ما قصدوه من التوكيد. وقد غَمَز في شرح التسهيل عَدّ من عدّها ستة، وقال: إن ذلك لا حاجة إليه لأجل الفرعية. فكان الأخلقُ به أن يَعُدّها خمسة فقط. والعذر عه أنه إنّما اعتبر صُوَرها خاصّةً ولم يعتبر الأصل، كما لم يعتبر هو ولا غيره الأصل في كأنّ، إِذْ أَصلها إنّ والكاف، وإلّا فلو لزم أن يعتبر أصلها لعدّت أربعة.