معنى الرجاء والإشفاق، كما حَمَلُوا لعلّ على عسى في إدخال أَنْ في الخبر، نحو لعلّ زيدًا أَنْ يَقُومَ، كما جاءَ في الحديث: «ولعلّ بعضكم أن يكون ألحنَ بحُجّته من بعض». فكان ينبغى له أن ينبّه على هذه اللغة الثالثة.
والجواب: أن الأول لازمٌ، لا أجدُ الآن عنه جوابا.
وأما الثاني فإنه لم يحتج إلى التنبيه على ما ذكر لأنه داخل في مسألتى الباب الأُولَيَين، لأنك إذا اجتزأت بأن والفعل فلا إشكال، وإلا فلا بُدّ من مبتدأ وخبر، وقد يكون ظاهرًا وضميرًا، فإذا كان ضمير متكلم أو مخاطب فلا بدّ من ذكره على إحدى اللغتين. فلما كان حكم ضمير المتكلم والمخاطب داخلًا فيما تقدم، لم يحتج إلى ذكره.
فإن قيل: فكذلك أيضا إذا تقدم الاسمُ عسى فلا فرق، فإذا قلت: زيد عسى أن يقوم -ولا ضمير في عسى- فهى قد اجتزأتْ بأَنْ والفعل عن ذكر الخبر، وإذا كان فيها ضمير فهى لم تجتزئ بل دخلت على المبتدأ والخبر، فلم يزد تقديم الاسم شيئًا.
والجواب: أنه إن لم يزد شيئًا فقد أوهم أمرًا محتاجًا إلى زواله، لأنه إذا تأخّر الفعل عن الاسم، وهو يطلبُه من جهة المعنى، فالسابقُ إلى الوهم الإضمار/ فيه، كقولك: زيدٌ ضرب عمرًا، بل (هو) الواجب في مثل هذا -وكذلك قولك: زيدٌ عسى أن يَقُومَ، عسى فيه طالبةٌ لضمير زيد، وصالحة له، فقد يتوهم أن حكمها حكمُ سائر الافعال في وجوب الإضمار والتزام وجه واحدٍ من الوجهين؛ فبيّن أن الوجهين معًا سائغان