أوجبته «وألزموا اخلولقَ أَنْ مثلَ حرى»، الضمير في «ألزموا» عائد على العرب. واخلولق على حذف المضاف، أراد: خَبر اخلولق. يريد أن العرب أتو بأَنْ في خبر هذا الفعل. وهذا الحكم مبنىٌّ على أنّ اخلولق من أفعالِ هذا الباب، وأن خبرها لا يكون إلا فعلا مضارعًا. لكن تُرِك ذكر ذلك للعلم/ به من جهة سياق الكلام، وما ذُكِر في حَرىَ، وكونُه قرن هذا الفعل بما هو مثل عسى في المعنى دلّ أنه من أخوات عسى -ومثال ذلك اخلولق زيدٌ أن يفعلَ، واخلولقت السماءُ أن تُمْطِرَ. ولا يجوز أن تقول: اخلولقت السماء تُمطِرُ، ولا اخلولقت السماءُ ماطرةً. ولا ما أشبه ذلك.
وما زعمه الناظمُ في اخلولق من كونه من هذا الباب، فيه نظر؛ فإن سيبويه وغيرُه جعلوه خارجًا من أفعال المقاربة، وإنما يدخل فيها من جهة المعنى، وكذلك قارَبَ، لأنّك تقول: قارب زيدٌ أن يفعلَ؛ قال سيبويه: «تقول: عَسَيتَ أن تفعل. فَأَنْ هنا بمنزلتها في قولك: قاربت أَنْ تَفُعَلَ، أى: قاربت ذلك. وبمنزلة دنوتُ أن تفعل، واخلولقت السماء أن تمطر، أى لأن تمطر». فإذًا اخلولق على حكم تعدى الأفعال يقتضى فاعلاً ومفعولًا بحرف الجرّ، لأنك تقول: اخلولقت السماءُ للمطر. فقولك: أن تمطر، على إسقاط الخافض، بمنزلة إذا قلت: دنوت أن تَفْعَل، أى: من الفِعْلِ؛ فلو جاز أن يعدّ مثل هدا في أفعال المقاربة لجاز أن يعدّ منها: دنا وقَرُب وقارب، وما كان نحوها، مما اتفق على أنه ليس منها. وهكذا يجرى القول في حَرَى، لأنك تقول: هو حَرٍ بكذا، فتعدّيه كما تقول من اخلولق: هو خليقٌ بكذا. ويلزم ذلك أيضًا في نحو خليق وجدير وحقيق وقمِنٌ، وشِبْه