وينصب الخبر ككان، إلا أنهما فارقا باب كان بحكمٍ يختصّان به هما وما جَرى مجراهما، وهو كونُ المضارع يلزمُ أن يكون هو خبر المبتدأ الذى تدخل عليه، فلا يجوز أن تدخل على جملة يكونُ خبرُ المبتدأ فيها مفردًا، ولا جملةً اسمية، ولا فعليةً مصدرةً بماضٍ ولا أمرٍ. وهذا قد تبيّن في باب كان؛ فلا تقول: عسى زيدٌ قائما، إلا ما أشار إليه بقوله:
... لكن نَدَرْ
غيرُ مُضَارعٍ لِهَذَينِ خَبَرْ
يعنى أنّ عسى وكاد ندر فيهما وقوع الخبر غير فعل مضارع؛ مثالُ ذلك في عسى قولُ العرب: عَسَى الغويرُ أبؤسًا. فأبؤسًا خبر عسى، وهو مصدرٌ جُمعِ لاختلاف أنواعه، وكأنه قال: عسى الغوير أن يُبْئِسَ. فوضع بؤسً موضعه ثم جمعه. وهذا رأى الفارسىّ في هذا المثل، ومنهم من ذهب إلى أنّ أبؤسًا هنا بمنزلة ما أنشده الفارسىُّ وغيره:
أكثرتَ في العَذْلِ ملحًا دائمًا
لا تُكثَرِنْ، إِنّى عَسَيتُ صائما
فقد وقع هنا الخبر اسم فاعل، فكذلك أبؤسًا على هذا الرأى، أى: ذا أبوسِ.