هذا هو النوعُ الثالث من نواسخ الابتداء، وذلك أفعالُ المقاربة. وإنما سُمّيت أفعالَ المقاربة لأنها جِئَ بها لتدلّ على تقريب الخبر من المخَبرِ عنه، فإنما أتت لمعنى في المبتدأ والخبر، كما جاءت كان وأخواتُها لمعنى فيهما، وهو كونُ ذلك في الزمان المعيّن؛ فلذلك عُدّت من النواسخ.
وكان الأصلُ فيها أن تدخل في باب كان، إلا أنّها/ اختصّت عن كان وأخواتها بحكمٍ لا يكونُ فيها، فلذلك أخرجوها عنها.
وأفعالُ هذا الباب على ثلاثة أقسام: قسمٌ يقتضى الشروعَ في الفعل. وقسم يقتضى مقاربةَ الفعل والدنوّ من وقوعه حقيقةً. وقسمٌ للإعلان بالمقاربِة في الرجاءِ والطمع لا في الوجود. ولكلِّ واحدٍ منها حكمٌ يختصُّ به. والناظمُ خلطَ القسمين الأخيرين فجعلهما قسمًا واحدًا، وبه ابتدأ لإشكله في هذا الباب حتى اختلف فيه فقال:
كَكَان كادَ وعَسَى لَكِنْ نَدَرْ
غَيرُ مُضَارِعٍ لِهَذَيْن خَبَرْ
وَكونُه بِدوُنِ أَنْ بَعْدَ عَسَى
نَزْرٌ، وَكادَ الأمرُ فِيهِ عُكِسَا
فأخبر أولصا أن هذين الفعلين -وهما: كاد وعسى- مثلُ كن، يريد في العمل والدخول على المبتدأ والخبر، فيرفع المبتدأَ كلُّ واحدٍ منهما