تقييده بِسَبْقِ ما بعد «ما».
ومَعْنِىٌّ: اسمُ مفعولٍ من العناية، وهى الاهتمامُ بالشئ، من قولهم: عنيتُ بحاجتك أُعْنَى بها فأنا معنّى بها، وهو لازم للبناء للمفعول في اللغة الشهيرة. وإنما أتى الناظم بهذه المسألة -وقد تقدمت- تنبيهًا على أن تقديم هذا المعمول لا يضير جواز الإعمال، بل يصحّ الإعمال مع تقديمه، وليس مثل تقديم الخبر، ولا مثل تقديم معموله إذا لم يكن ظرفا ولا مجرورًا.
فإن قيل: فالقاعدةُ أن المعمول لا يتقدّم إِلّا حيث يصحُّ تقدم العامل، وإذا كان كذلك فالخبر هنا مقدّر التقديم، وعند فرض تقديمه يبطل عمل ما، فكذلك ينبغي أن يكون الحكمُ إذا تقدّم معموله، لأنّه نائبه في التقديم فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن هذه القاعدة غيرُ مسلّمة عند ابن مالك، فقد نازَع فيها في شرح التسهيل، ومرّ ذلك هنا في مسألة تقديم خبر ليس عليها، وإذا لم تكن مسلّمةً عنده فلا يصحّ بناؤُه عليها، وإذا لم يبنّ عليها لم يكن تقديم ذلك المعمول مُؤذِنًا بتقديم العامل، وإذا لم يُؤْذِنْ به فتأخيره حاصل، وهو شرطُ إعمال ما، فالإعمال مع تقديم ذلك المعمول صحيح.
والثاني -على تسليم صحة القاعدة- فقد نَبّه هو على أن ذلك التقديم مُلْغًى عند العلماء، لقوله: إن العلماء أجازوا الإعمال في المسألة مع وجود التقديم، وكثير ممّن يجيزها يصحّح القاعدة، وما ذلك إلا لعدم اعتبارهم لها في