فإنهما مبهمان يقعان على كل شيء من الحيوان وغيره, فهما داخلان على (كل شيء) فأشبها الحروف, لأن الحروف أعراضٌ تعترض في الأشياء كلها.
فإن قيل: كذلك لفظ "شيء" يقع على الأشياء كلها, فليس شَبَه اسم الإشارة والضمير بالحروف بأولى من شَبَهِها بلفظ شيء, بل هذا الشبه أولى لأنه شبه يردُّ إلى الأصل بخلاف شبَبَه (الحروف).
فالجواب: أنهما ليسا كشيء في الوقوع على الأشياء كلها, لأن شيئًا لازم لمسمَّاه في جميع الأحوال بخلاف اسم الإشارة والكناية والحروف فإنها أعراض تدخل في الأشياء كلها, ومثل ذلك عند السيِّرافي أيضًا. حيث بينت لإبهامها في الجهات السِّت وفي كل مكان, فتُبِّهت لإبهامها بإذ المُبهمة في الزمان الماضي كله, إلا أن بناءها عنده في حال دون حال كما بين في كتابه.
ومنها قلَّة التمكن واللزوم فموضع واحد, علَّل به السيِّرافي بناء الآن يريد عَدَمَ التصرف الذي فيها من جهة المعنى, إذ هي دالة على آخر الزمان الماضي وأول الزمان الآتي, وهذا شأن الحروف, لأنه لا يعدو موضعه الذي وضع له إلى غيره فهو لازم لموضع واحد, فبنى الآن ذلك, وكذلك "لدن" بنيت للزومها موضعًا واحدًا وهي تُعطى معنى عند , إلا أنهم أعربوا "عند" حيث تَوسَّعوا فيها فأوقعوها على ما بحضرتك, وعلى ما بَعُدَ عنك, وإن كان