تميم من العرب فَراعَوا هذا الأصلَ فلم يُعملوا هذه الحروفَ، فيقولون: ما زيدٌ قائم، وإن زيدٌ قائم، ولا رجلٌ قائم وما أشبه ذلك؛ قال سيبويه: «وهو القياس». وأما أهل الحجاز فأعملوا ما -وإن كنت غير مختصّة- مراعاةً للشبه بما هو مختصّ، وذلك ليس، ما أشبهَها من ثلاثة أوجه:
أحدهما: إن كلّ واحدة منهما أداةُ نفي.
والثاني: أن النفي بهما محمول على الحال ما لم يقترن بالكلام ما يخرجهما عن ذلك؛ فإذا قلت: ما زيدٌ قائما، أو ليس زيدٌ قائمًا -فهما محمولان على النفي في الحال حتى تقول: أمسِ، أو غدًا، أو نحو ذلك.
والثالث: دخولُهما على المبتدأ والخبر.
فلما حَصَل لما الشبهُ المذكورُ أَثّر الإعمال؛ فإن للشبه تأثيرًا؛ ألا ترى أن الاسم يُمتنع الجرّ والتنوينَ لشبهه بالفعل الذى لا يدخله جَرٌّ ولا تنوين. وَيَعْمَل عَمَل الفعل لشبهه به، ويُبْنى كما يبنى الحرف، ولا أصلَ للاسم في شئٍ من ذلك. فكذلك عملت ما حملًا على ليس للشبه المذكور، ثم أُلْحِق بما: لا، وَإِنْ، لوجود الشبه بينهما وبين ليس في كونها أدواتٍ للنفي/، لكن لما لم يتمكّن الشبه فيهما تَمكّنا تامًا. كان إعمالهما قليلًا؛ ألا ترى أن «لا» لا تنفى الحال عند سيبويه والجمهور، وكذلك إِنْ عند الفارسىّ في التذكرة -وإن كان فيه نظر فقد قيل ذلك- والّا ظهر أَنّ إِنْ كما، لأنها تقع موقعها، كقوله الله تعالى: {إِنْ يَقُولُون إِلّا كَذِبًا}، {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلّا إِنَاثًا}. وما أشبه ذلك. وقد زعم المؤلف أَنّ لا تنفي