والثاني: بين صفة وموصوف، نحو مررتُ برجلٍ كان فاضلٍ. ومنه قوله:
فَكَيفَ إِذَا مَرَرْتُ بِدَارِ قَوْمٍ
وَجِيرانٍ لَنَا كَانُوا كرِامِ
ثم ذكر حَذْفها فقال:
وَيَحْذِفُونَهَا وَيُبْقُونَ الْخَبَرْ
وَبَعْدَ إِنْ وَلَوْ كَثِيرًا ذَا اشْتَهَر
وَبَعْدَ أَنْ تَعِوْيضُ مَا عَنْهَا ارْتُكِبْ
كَمِثْلِ: أَمّا أَنْتَ بَرًا فاقْتَرِبْ
قوله: «وَيَحْذِفُونَها»: جملة معطوفة على ما بعد «قد» في قوله: «وَقَدْ تُزَادُ كَانَ».
فتدخل معها تحت التقليل بقد؛ فإن حَذْفَها أيضًا قليل، لكنه قياسٌ. ولا يناقضُ إخبارهُ بالتقليل قوله: «وَبَعْدَ إِنْ وَلَو كَثِيرًا اذَا اشْتَهَرْ»، لصحّةِ الجمع بينهما، فيكون المعنى: إن ذلك الحذف القليل اشتهر في هذين الموضعين.
ويحتمل أن تكون الجملة معطوفةً على الأخرى من غير إدخالٍ لها في حكم التقليل، فيكون المعنى: إِنّ العرب تفعلُ هذا بكان، ولا إشكال على هذا في كون الحذف قياسًا. لكنه قسّم الحذف قسمين: أحدهما: جائز غير لازم، والآخر لازم البتّةَ.
فأما الحذف الجائز فهو الذى أخبر به أولًا في قوله: «وَيَحْذِفُونَها وَيُبْقُونَ الخَبَرْ»، يعنى أنّ العرب من شأنهم أن يحذفوا كان مع اسمها لا وحدها، ويبقون الخبر دَالًا عليها، كقولك: المرءُ مَجْزيُّ، إنْ خًيرًا فخيرٌ، وَإنْ شرًا فَشرٌ. والمرأ مقتولٌ بما قَتَل به، إِنْ سَيفًا فَسَيفٌ، وإِنْ خِنْجَرًا فَخِنْجرٌ». تقديره: إِنْ