والوجه الثاني: أن ليس قد صحّ تصرُّفها في معمولها بتقدمه إذا كان المنصوب على اسمها المرفوع، وإذا كان ذلك جائزًا باتفاق فليجز التقديم على ليس قياسًا، وإلّا فلا يخلوُ أَنْ يكون تقدُّم منصوبها على مرفوعها -مع أن أصله التأخير- تصرّفًا أولا، ولا يمكن أن يقال إنه ليس بتصرّفٍ، بل هو تصرّف في/ معمولها، وأنتم قلتم: إن ما لا يتصرّف في نفسه لا يتصرف في معمولها، فيجب إذًا أن لا يجوزَ عندكم تقدُّم المنصوب على المرفوع، لأنه تصرّف في المعمول، لكنكم قد أَجَزْتم ذلك، فَلْتُجيزوا هذا التصرف الآخر، وهو التقدمُ على ليس.

والوجه الثالث: أن ليس قد تقدّم معمول خبرها في قول الله تعالى: {ألَا يَوْمَ يَأتيهمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عنهم}. فيومَ يأتيهم: ظرفٌ متعلق بمصروف. وتقديمُ المعمول لا يصحُّ إلّا حيث يصحُّ تقديمُ العامل. هذه قاعدةٌ مسلّمة عند القدماء كالفارسىّ وابن جنى وغيرهما وإذا كان كذلك ثبت بالآية جوازُ تقدُّم الخبر، وهو المطلوب.

والوجه الرابع: أن سيبويه قد ظهر منه أنه قائل بجواز التقديم؛ لأنه أجاز أن تقول: أزيدًا لَسْتَ مثله؟ بنصب زيد، بإضمار ليس، من باب الاشتغال. والقاعدة أن المفسّر من شَرْطِهِ صحةُ عَمَله في الأول لولا شغله بالضمير أو السبب، فلولا أن ليس عنده مما يصحّ تقدم خبرها عليها لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015