فإن قيل: إِن هذا الكلام مُعتَرَض عليه من وجهين، زيادة على ما تقدم:

أحدهما قيل: إِن ظاهر سياقه يدلُّ على أَنّ هذه المسألة متفق عليها من النحويين، لأنه قدّم في دام أن منع التقديم متفق عليه أن هذا أيضا متفق عليه. وهذا أيضا متفق عليه. وهذا غير صحيح، لشهرة الخلاف فيها:

أما مازال وأخواتها فحكى ابن الأنبارى أن الكوفيين غير الفراء، وابن كيسان من البصريين يجيزون تقدم أخبارها على ما. وذكر النحاس أن التقديم جيد بالغ عند البصريين. وحكى ابن خروفٍ الجواتز أيضا عن البصريين والكسائي، والمنع عن الفراءِ. والمنع هو الذى اشتهر عند البصريين وهو الذى اعتمد ابن الأنبارى، وهو المعروف من مذاهبهم. وقد ذكر ابن مالك الخلاف في التسهيل. وأما غير هذه الأربعة فالخلافُ فيها يتخرّج على ما نقله في شرح التسهيل عن الكوفيين، لأنهم يجيزون التقديم على «ما» في سائر الأفعال، إلا الفراء فإنه على أصله في المنع. وأصلُهم في ذلك أن «ما» لم تستحقّ التصدير، كما لم تستحقّه لم ولن ولا؛ ولذلك أجازوا: طعامك ما زيدٌ آكلا. وباب «ما مع» باب كان واحد في الحكم. وأيضًا قد أجاز الفارسى في التذكرة: زيدًا/ ما أضربْ. فنحا في ذلك نحو الكوفيين، ولا فرق بين الفعل التام والناقص في ذلك. وإذا كان الخلاف موجودا وعدمُ الإجماع مشهورًا، فكيف يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015