أحدهما: أن يكون الفعلُ غير متصرف كليس، فإنه موضع وضع الحرف. هذا مع أنا وجدنا العرب لم تتصرف فيه، فلذلك لا نتصرّف نحن فيه. ومن هذا أن نفهم من العرب الاستغناء كدام مثلا، فإنها استغنت بالماضى عن المضارع، فلم تستعمله مع الحاجة إليه، فهمنا ذلك منها كما فهمنا استغناءهم عن وَذَرَ وذَرَعَ، وواذر ووادع بترك وتارك.

وهذا الاستغناء جارٍ في الحكم مجرى عدم التصرف، بل هو ضرب من ضروب عدم التصرف؛ فلذلك عددته مع عدم المتصرف ضربًا واحدًا.

والثاني: أن يمنع مانع صناعىّ من استعماله، كما منع النفى في ما زال وأخواتها من استعمال فعل الأمر؛ لأن النفي لا يصلح مع لأمر، كما أن الاستفهام والشرط ونحوهما لا تصلح معه.

ففي هذين الموضعين لا نقول إلا ما قالته العرب، وأما في غير ذلك فلنا أن تكلم بما هو القياس في كلامها ولا نتوقف. لكن ظاهر كلام الناظم (يُشعِر) بالتوقف مطلقا، فكان غير صحيح لمخالفته للأئمة، بل لاستلزامه إبطال القياس الذى انبنى عليه هذا العِلْمُ.

فالاعتذار عنه بأن مراده -غَيْرَ شكِّ- التنكيتُ على مثل دام وليس، وما ذكر ممّا له له مانع من جريان القياس فيه؛ فإن التوقف هناك واجب. وأمّا ما عدا ذلك فهو في حَيِّز المسموع وإن لم يسمع، لأنا نقطع بان العرب لو احتاجت إلى الكلام به لما تعدّت استعمالنا فيه، فكأنه مسموع منها. هذا أقصى ما وجدته في الاعتذار عنه، وهو كما تراه، وليس كلُّ داءٍ يعالجُه الطبيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015