معرفة نحو: طلبتَه جَهْدَك وطاقتك، ورجع عَوْدَه على بَدْئِهِ، ومررتُ به وَحْدَه، وَأَرْسَلَها العِراكَ -لأنا نقول: هذا كله من النادر المسموع الذى لا يُقاس عليه. وأيضًا ليست أحوالًا بأنفسها بل هى أسماءٌ موضوعةٌ مواضع الأحوال، فليست مما يستدلّ به على وقوع الحال معرفة، [وذلك مُبَيّن] في بابه.
والثاني: أن الحال من شأنها أن لا تلزم في الكلام، بل قد تأتى، وقد لا تأتى، وذلك بحسب مقاصد الكلام، فتقول تارةٌ: جاءَ زيدٌ ضاحكًا، إذا أردتَ الإخبار عن مَجيِئه على خاصّةً. فلو كان المنصوب بعد «كان» حالًا لساغ الاقتصار مَعَه على المرفوع مع اعتقاد النقص فيها، فكنت تقول: كان زيدٌ، وتقتصر. لكن هذا غير جائز، فدلّ على أن المنصوب ليس بحالٍ، وغذا لم تكن حالصا لم يبق مما يُدّعى إلا ما قاله البصرين للاتفاق على أَنْ لا قولَ في المسألة غير هَذَين.
فإن قال قائل: فإن «كان» قد يُقْتَصر معها على المرفوع، فإنك (تقول): كان زيدٌ يا فَتىً، كقولِ الشاعرِ:
إِذَا كَانَ الشّتَاءُ فَأَدْفُئِوني
وهذا كثيرُ، فهذا الاقتصارُ يَدُلُّك على أنّ المنصوبَ حالٌ.
فالجواب: أنّ ذلك إِنْ تَأَتَّى في كان وما أشبهها من الأفعال المستعملة