والثاني -وهو بَعِيدٌ من قصد- أن يُرِيدَ ما دلّ عليه ظاهر لفظه من أن خبر المبتدأ تنصبه كان إذا دخلت عليه، ولم يبيّن وجه نصبه، أهو على أن يصير خبر كان، أم على غير ذلك؟ لَمّا كان وجهُ نَصْبِهُ مُختَلفًا فيه بَين البصريين والكوفيين؛ فذهب البصريون إلى أَنّه منصوب خبرًا لها، فالمبتدأ والخبر معها كالفاعل والمفعول. وذهب الكوفيون إلى أنه ينصَبُ على الحال.
والراجح في مراد الناظم هو الاحتمال الأَوّل، ويدلّ عليه من كلامه قولُه في باب «إنّ»:
لإِنّ، أَنّ، [لَيْتَ]، لَكِنّ، لَعَلْ
كَأن -عَكسُ مَا لِكَانَ مِنْ عَمَلْ
إذ لم يقل أَحَدٌ: إن المنصوب في باب «إن» حالٌ. وإذا ثبت هذا ظهر أنه مخالف للكوفيين وموافقٌ للبصريين. والدليل على صحة ما ذهب إليه أمران:
أحدهما: أن الخبر يأتى عَلَما نحو: كان أخوك زيدًا، وضميرًا نحو: ما كان أخوك إلا إِيّاىَ، واسمَ إشارة نحو: كان أخوك هذا، ومضافًا نحو: كان زيدٌ غلامَك، وبالألف واللام نحو: كا زيدٌ العاقلَ الكريم، كما أنه يأتى أيضا نكرة نحو: كان زيدٌ قائمًا. وليس وقوعه أحد المعارف بأقل من وقوعه نكرةً، بل وقوعُه معرفةً كثيرٌ جدًا بحيث لا يُحصَى. لو كان حالًا لم يجز البتةَ وقوعُه معرفةً قياسًا، بل كان يكونُ ذلك مسموعًا، فلا يقال: إن الحال أيضًا تأتي