فإن أراد الأَوّلَ فهو راجعٌ إلى مذهب طائفة من النحويين في التزام الحذف مطلقًا، وأنه لا يجوز ذكره / وحيث فُرِضَ خبر لا يعلم لكونه ليس بكونٍ مطلق، صاغوا منه مصدرًا وأضافوه إلى المبتدأ فيقولون: لولا مسالمة زيدٍ لنا ما سلم، ولولا استقرار زيد عندنا لهلك، ولولا حمايةُ أنصار زيد له لم ينجِ. وكذلك سائر المُثُل. فإن جاء في السماع ما يخالف هذا فاما أَن يُعِدّ شاذًا، وإما أن يُؤَوّل إن أمكن تأويلُه. وإلى هذا المذهب ذهب الفارسيّ وغيره. واعتمده ابن أبي الربيع وابنث عصفر وغيرهما من المتأخرين، لأن العرب عندهم لا تقولُ مثل: لولا زيدٌ سالمنا ما سلم، وإنما تقول: لاولا مسالمة زيد لنا. والاستشهاد بالحديث فيه ما فيه، مع أنه محتمل لأن يكون قوله: «حديث عهدُهم بكفر» جملة اعتراض بين لولا رجوابها. وقد تُؤُوِّل قوله: «فَلَوْلَا سِلاحِى عِنْدَ ذَاكَ» أن الظرف يتعلّق بما في السلاح من معنى الشدّة. وعلى هذا يكون قول الآخر: «وَلَوْلا بَعْدَه عُمَرٌ»، فيتعلّق فيه الظرفُ بمعنى عُمَر، إذ هو الخليفة، فكأنه انتزع من العَلَمِ معنى الوصف، فعلّق به الظرف، كما قال الآخر:
أَنَا أَبُو المِنْهَالِ بَعْضَ الأَحْيَان
وهو باب واسع بوّبَ عليه ابن جني في الخصائص. وكذلك يكون