بالابتداء والخبر إذا تقدم الفعلُ، بل يحكم له بحكم الفعل والفاعل. هذا معنى امتناع هنالك، وأما هنا فلا يجوز التقديم البتَّة، سواء اعتقدت كون <ما> فاعلًا أو مبتدأً، فليس مثله، وإذا لم يكن مثله تعيّن أن يكون امتناع التقديم لأمرٍ آخر، وما هو إلا كون <ما> لازمةً للصدر، لجريان الكلام مجري المثل، فبقيت «ما» على أصلها من التصدير، فدخلت في حكم الواجب التصدير الذى ذكر الناظم، والله أعلم.
والسابع: المبتدأ الذى دَخَلت الفاءُ في خبره، نحو قولك: الذى يأتيني فله درهمٌ، [وكلُّ رجلٍ يأتينى فله درهم]؛ لأنَّ المبتدأ هنا مُشْربٌ معنى الشرط، ولذلك تُنَافي الفاءُ الأحكامَ المنافيةُ للشرط، وإنما تدخلُ في خَبَر المبتدأ حيثُ لا يكونُ ثَمَّ حكمٌ منافٍ؛ ألا ترى أهم اشترطوا في صحة دخولها أن يكون المبتدأُ موصولًا ولا يكون مرادًا به شَخْصٌ بعينه، وأَلّا يدخل عليه ما ينافي الشرط كالنفي والاستفهام؛ لأنَّ استحقاق الدرهم بالإتيان إذا قُلْتَ: الذى يأتينى فله درهم. وهذا المعنى الذى يقربه من الشرط مفقودٌ هنا، قاله ابن الحاج. وإذا كان كذلك فلم تدخل الفاء في الخبر حتى وجد في المبتدأ معنى الشرط، فالفاء هي العَلَمُ عليه. وما فيه معنى الشرط، ولو في حال، قد صار مستحقًا لصدر الكلام، فلحق بأسماء الصدر من تلك الجهة، فلا يجوز إذًا تَقَدّم خبره عليه، لأنه في معنى جواب الشرط، وجواب الشرط لا يتقدم / على الشرط، فكذلك [ما في] معناه.