فإنما وجب التأخير هنا لأنه لا يعرف المحصورَ فيه من المحصور إلا بذلك، أعنى مع الحصر بإنّما، فإذا قَصَدْتَ حصر القيام في زيد قلت: إنما زيدٌ قائم، ثم حَمَلوا إِلّا عليها في وجوب التأخير [إن كان المحصور معها ظاهرًا معروفًا].
وقد ظهر من هذا أنّ الذى يجب تأخيرُه هو المحصورُ، وهو الواقع بعد إلّا، والمتأخر مع إنما. وليس كذلك؛ بل قيل إلّا هو المحصور فيما بعدها، فإذا قُلْتَ: ما زيدٌ إلا قائم، فالمعنى أن زيدًا مقصورٌ على الانتصاف بالقيام لم يتصف بغيره، قالوا: وهو ردٌّ على من زعم أن زيدًا اتصف بغير القيام.
ويمكن أن يكون غير زيد قد قام. وإذا قلت: ما قائم إلا زيدٌ، انقلب المعنى فصار القيام مقصورًا على زيد، فلم يقم أحد غيره، وهو ردٌ على من زعم أن غير زيد قائم، ويمكن أن يكون زيد متصفًا بغير القيام. وكذلك حكم إنّما، لأنها في معنى ما وإلا.
فإذا قلت: (إنما زيد كريم، فزيدٌ معصور على الاتصاف بالكرم، لم يتصف بغيره. وإذا قلت: -) إنما الكريم زيدٌ، وإنما كريم زيد، صار المعنى أن الكرم ليس بمتصف به إلا زيد، ويَحْتَمِل هنا أن يكون لزيد أوصاف أخر، (كما) يَحْتَمل في الأَوّل أن يكون غير زيد متصفًا بالكرم.
فقد حَصَل أنّ المتأخّر هو المحصورُ فيه لا المحصورُ، وهو قد قال: إن المنحصر يلزم تأخيره، فهو مناقض لقولهم: إن المنحصر يلزم تقديمه. وهو