وأنشد غير ذلك، وَوَجّهه بأن المعنى من الكلام. والأمر في هذا قريب.
النوع الثالث من أنواع الخبر الذى يلزم التأخير: أن يكون واليًا لأداة الحصر لفظًا أو معنى، وعبّر عن ذلك بقوله: «أو قُصِدا استعمالُه مُنْحَصِرا». والضمير في «استعماله» عائدٌ على الخبر، يعنى أن الخبر إذا كان محصورًا بأداة من أدوات الحَصْرِ، وقُصِد ذلك فيه، لزم أن يكون مُؤَخّرًا عن المبتدأ، والأصل في وجوب التأخير هنا المحصورُ بإنماء دون المحصور بما وإلّا، فتقول: إنما زيدٌ قائم، فالمنحصر هنا عندهم قائم. وكذلك إذا قلت: إنما أنت كاتبٌ/، وإنما زيد شاعر فالكاتب والشاعر هو المحصور. وإذا قلت: ما زيدٌ إلا قائم، وما أنت إلا كاتب، فالمنحصر عنده ما بعد إلّا فهو الذى يجب تأخيره فلا تقول: إنما قائم زيدٌ، ولا: إنما كاتب أنت. وكذلك لا تقول: ليس إلا قائمًا زيد، ولا ما أشبه ذلك وما جاء بخلاف ذلك فظاهر أنه عنده نادر لا يُقَاس عليه، نحو ما أنشده في الشرح من قوله:
فَيَارَبِّ، هَلْ إِلّا بِكَ النّصْرُ يُبْتَغى
عَلَيْهِمْ، وَهَلْ إلّا عَلَيْكَ المُعَوّلُ
الأصل: هل النصر إلا بك، وهل المعوَّل إلا عليه.