فوجودها كعدمها. وذكر أيضًا ذلك المبرد في «المقتضب»، والأخفش في «الأوسط» وشَفَى فيه ابنُ السّراج في «الأصول» وقال في بعض كلامه: «وإنما يُراعَى في هذا الباب الفائدةُ، فمتى ظَفِرتَ بها في المبتدأ وخبره فالكلامُ جائز، وإلا فلا معنى له في كلام العرف ولا في كلام غيرهم». فلأجل هذا اعتنى الناظم ببيان الموجب للابتداء بالنكرة، ولم يحفل بحَصْرِ ما لا ينحصرُ. ثم أخذ يذكر أمثلة مما حصلت فيه الفائدة فجاز الإخبار، وهي ستة:

أحدها: «عند زيد نَمِرَةٌ». فهذا مبتدأ قد أُخبر عنه بظرف مختص بإضافته إلى معرفة، وقَدّم عليه، فحصل بسبب ذلك الإفادة. ولو قُدّم هذا المبتدأ لم يُفِد الإخبارُ إذا قلت: نَمِرَةٌ عند زيد. وكذلك لو كان الظرف غير مضافٍ أو مضافًا إلى نكرة نحو: مكانًا رجل، أو عند رجل نَمِرَةٌ. فإذًا كُلُّ نكرةٍ أُخبِرَ عنها بمثل هذا الإخبار المفيد جاز الابتداءُ بها. والمجرور في حكم الظرف إذا قلت: في الدار رجل، ولزيد مالُ. وما أشبه ذلك. وكذلك إذا قلت: أمام زيد رجلٌ، وخلفك غُلَامٌ، وأمام بكر فرس، ونحو ذلك.

وإنما أفاد الابتداءُ بالنكرةِ على هذا الترتيب، لأنّ تقديم الظرف والمجرور نَصٌّ في أنه الخبر، وأما إذا قلتَ: نَمِرَةٌ عند زيدٍ، فإن الظرف يحتمل أن يكون صفة للنكرة، فينتظر السامع الخبر. فَقُدِّم [لرفع] هذا الاحتمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015