مثل هذا موكول إلى العلم بأنّ شرطَ الكلامٍ الإفادةُ، وهذا كله حَسَنٌ، وبالله التوفيق.
وعن الثاني: أن الغرض إذا كان ما تقدّم لم يلزم من هذا الإشكال شيءٌ، لأن قوله: «وإن يُفِدْ فأخبرا» رجوع إلى الأصل من اشتراط الإفادة، من حيث كان الغالب فيه عدم الإفادة، ولذلك منع أولًا الإخبار به، وإِذا كان كذلك لم يلزم منه مفهوم، لأنّ الكلام في قُوّة أَنْ لو قال: «وظرف الزمان مع الجثة غير مفيد فلا يخبر به عنها، فإن فُرِض حصولُ الإفادة به معها جاز الإخبار به عنها». فمثل هذا الكلام لا يقتضى أن غيره يخبر به أفاد أولا، فإذا كان كذلك لم يبق إِشكالٌ. والله أعلم.
والثالث من أوجه الدّرْكِ: أنّ حاصل كلام الناظم نَقَلَ الناسُ أنه مخالف للنحويين. ولم يقل به إلا ابن الطراوة؛ قال ابن أبي الربيع: ظرف الزمان يكون خبرًا عن الحدث ولا يكونُ خبرًا عن الجثة، قال: ولا أعلم في ذلك خلاقًا بين النحويين إلا ابن الطراوة فإنه ادّعى أنّ ظروف الزمان تكون أخبارًا عن الجثة إذا أفادت، فإن لم تُفِد لم تكون أخبارًا. ولا فَرْقَ في هذه بين ظروف الزمان وظروف المكان. ثم أتى بأربعة مواضع دليلًا على صحة زَعْمِهِ، وهى الأول والثالث والرابع والخامس من المواضع المتقدمة. ثم قال ابن الطراوة: فكما جاءت ظروف الزمان في هذه المواضع أخبارًا عن الجثة وأفادت، جاءت ظروفُ المكانِ أخبارًا عن الجثث ولم تُفِد، نحو زيدٌ مكانًا، فالرابط كله الفائدة بالإخبار وعدمها.