أو مستقرٌّ لا يظهر، لأنه من قبيل المعاني التي دلّ عليها غير ألفاظها في التأويل. ثم إنَّ قوله: «ناوين معنى كائنٍ أَوِ استَقَر»، يقتضي أَنّ العامل في الظرف والمجرور هو ذلك المعنى لا غيره، إذ لو كان غيره لم يفتقر إلى تقديره ونيّته. وأيضًا هو يقتضي أن ما تحمّله الظرف من ضمير فهو / في الحقيقة محمولٌ في هذا المقَدّر لا الظرف، وكذلك ما تحمله المجرورُ هو محمولٌ في عامله لا المجرور -وأيضًا قوله: وأخبروا بظرف أو بكذا، ثم قَيَّده بنيّة كائن أو استقر، يشير، إلى أن الظَّرفَ والمجرور ليسا خبرين بأنفسهما، بل بما فيهما من ذلك المعنى المقدر، فهذه ثلاثة أشياءَ محتاجة -بحسب ما يَفْتَقِر إليه شرحُ كلامه- إلى عقد ثلاثِ مسائلَ:

المسألة الأولى: أنّ النحويين اختلفوا في العامل في الظرف والمجرور الواقعين خبرًا على ثلاثة مذاهب:

أحدهما: أن العامل فيهما معنى الكون والاستقرار، واختلفوا في هذا المقدّر، حسبما يأتي آخرِ الفصل، إن شاء الله.

والثاني: أن العامل فيهما المبتدأُ بنفسه. وهو رأيُ ابن خروف، وكأنّه استنبطه من كلام سيبويه، بل هو كالنصّ.

والثالث: أن العامل فيهما هو المخالفة، ومعنى المخالفة أنك إذا قلت: زيد أخوك، فالثاني هو الأول، وكلُّ واحدٍ منهما يرفعُ الآخر، فإذا خالفه وكان غيره انتصب بذلك المعنى. حَكَى هذا المذهب عن الكوفيين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015