/ تقدير معنويّ دلّ عليه الكلام، وتقديرٌ صناعيٌّ اقتضاه الاضطرارُ إلى تقدير متعلق الظرفِ أو المجرور، وأما تحصيلُ المعنى فمن هذا الظاهر، والدليلُ على هذا أنّك تقول: إنّ في الدار زيدًا، و: إنَّ عندك زيدًا، فهذا الظرف أو المجرور لو كان على تقدير كائن أو استقر حقيقةً لم يصحَّ هذا الكلام، لأن المقدّر حقيقةً كالمنطوق به، فكائن لا يلى «أنّ» إلّا منصوبا فيرتفع زيدٌ ضرورةٌ. واستقر لا يصحّ أن يلى «إنَّ» على حال، فلم يكن أن يكون مقدرًا حقيقة، وإن لم يكن كذلك فالتقدير معنويّ لا لفظي.
ويبيّن هذا أنك تقولُ: زيدٌ في الدار ضاحكًا، فتؤخرُ الحال عن العامل فيها ولا يجوز التقديم فتقول: زيد ضاحكا في الدار، إلا في نُدُور لا يُعتدُّ به، فو كان العاملُ مقدّرا حقيقة لجاز التقديمُ كما يجوز لو ظهر فكنت تقول: زيد ضاحكًا قائمٌ في الدار، كما تقولُ: زيدٌ قائم في الدار ضاحكًا؛ وفي امتناعهم من ذلك دليلٌ على أن المقدِّر غير معتبر في الحقيقة، ولذلك كان العامل (عندهم) الظرف أو المجرور بما فيه من ذلك المعى، إذ هو عِوَضُه ومُؤَدًّ معناه.
فالحاصل أنّ تقدير كائن أو استقر أَمْرٌ معنويٌّ اقتضته الصناعة، لا حقيقي لفظي، وهو تحقيقٌ في الموضع إن كان الناظم قد قصده فلفظه